تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا نَوۡمَكُمۡ سُبَاتٗا} (9)

المفردات :

نومكم سباتا : قطعا لأعمالكم ، وراحة لأبدانكم .

الليل لباسا : ساترا لكم بظلمته كاللباس .

النهار معاشا : تحصّلون فيه ما تعيشون به .

التفسير :

9 ، 10 ، 11- وجعلنا نومكم سباتا* وجعلنا الليل لباسا* وجعلنا النهار معاشا .

النوم آية من آيات الله تعالى ، حيث ينقطع الإنسان عن العمل والكدح ، ويستغرق في نوم هادئ ، حيث تهدأ نفسه ويستريح جسمه ، ويتكامل هدوءه ، ويتجدد بعد النوم نشاطه ، فالنوم نعمة إلهية ، وهو آية ، وفي غزوتي بدر غشى النوم المجاهدين فآنسهم وجدّد نشاطهم وأراح أعصابهم .

قال تعالى : إذ يغشّيكم النعاس أمنة منه . . . ( الأنفال : 11 ) .

وقال سبحانه وتعالى : ثم أنزل عليكم من بعد الغمّ أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم . . . ( آل عمران : 154 ) .

وأحيانا ينام الإنسان المجهد دقائق معدودة ، أو يغفى إغفاءة بسيطة ، ثم يستيقظ وقد استراحت أعصابه وتجدد نشاطه ، ذلك أن الله العلي القدير هو الخالق للإنسان ، وخالق الآلة أدرى بما تحتاج إليه ، ولو استمر الإنسان مستيقظا بدون نوم لخارت قواه وضعفت .

قال تعالى : ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله . . . ( الروم : 23 ) .

وجعلنا الليل لباسا .

الليل يقطع العمل المسترسل ، وفيه الظلام الممتد الذي يغمر الكون ، ويغشاه ويستره كما يستر الثوب ، صاحبه حين يلبسه ، والليل فرصة للهارب ، وفيه يختفي الكامن للوثوب على عدوّه ، للتخلص منه والنجاة من شرّه ، ويتّقي به كل من أراد ألا يطّلع الناس على كثير من أموره .

وجعلنا النهار معاشا .

جعلنا النهار فرصة للسعي على المعاش والكدّ والعمل ، حيث جعله الله مشرقا منيرا ، ليتمكن الناس من السّعي فيه ، والعمل والتكسب والتجارة وغير ذلك .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا نَوۡمَكُمۡ سُبَاتٗا} (9)

{ وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا } أي : راحة لكم ، وقطعا لأشغالكم ، التي متى تمادت بكم أضرت بأبدانكم ،

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا نَوۡمَكُمۡ سُبَاتٗا} (9)

ولما ذكر ما هو سبب لبقاء النوع ، ذكر ما هو سبب لحفظه{[71079]} من إسراع الفساد فقال : { وجعلنا } أي بما لنا من العظمة { نومكم } الذي ركبنا البدن على قبوله { سباتاً * } أي{[71080]} قطعاً عن الإحساس والحركة التي أتعبتكم في نهاركم مع{[71081]} الامتداد والاسترسال إراحة للقوى الحيوانية والحواس الجثمانية{[71082]} وإزاحة لكلالها{[71083]} مع أنه قاطع لكمال الحياة ، فهو مذكر {[71084]}بالموتة الكبرى{[71085]} والاستيقاظ مذكر بالبعث ، قال الزجاج{[71086]} : السبات أن ينقطع عن الحركة والروح فيه .


[71079]:من ظ و م، وفي الأصل: حفظه.
[71080]:زيد من ظ و م.
[71081]:من ظ و م، وفي الأصل: من.
[71082]:من ظ و م، ، الأصل: الجسمانية.
[71083]:من ظ و م، وفي الأصل: لكلاها.
[71084]:من ظ و م، وفي الأصل: بالموت الكبير.
[71085]:من ظ و م، وفي الأصل: بالموت الكبير.
[71086]:راجع المعالم 7/166.