إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{ثُمَّ يَتُوبُ ٱللَّهُ مِنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ عَلَىٰ مَن يَشَآءُۗ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (27)

{ ثُمَّ يَتُوبُ الله مِن بَعْدِ ذلك على مَن يَشَاء } أن يتوبَ عليه منهم لحكمة تقتضيه أي يوفقه للإسلام { والله غَفُورٌ } يتجاوز عما سلف منهم من الكفر والمعاصي { رحِيمٌ } يتفضل عليهم ويثيبهم . ( روي أن ناساً منهم جاءوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وبايعوه على الإسلام وقالوا : يا رسول الله أنت خيرُ الناسِ وأبرُّ الناس وقد سُبيَ أهلونا وأولادنا وأُخذت أموالُنا . قيل : سُبيَ يومئذ ستةُ آلافِ نفسٍ وأُخذ من الإبل والغنمِ ما لا يُحصى فقال عليه الصلاة والسلام : «إن عندي ما ترون إن خيرَ القولِ أصدقُه ، اختاروا إما ذرارِيَكم ونساءَكم وإما أموالَكم » قالوا : ما كنا نعدِل بالأحساب شيئاً فقام النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال : «إن هؤلاء جاءونا مسلمين وإنا خيَّرناهم بين الذراري والأموالِ فلم يعدِلوا بالأحساب شيئاً فمن كان بيده سبْيٌ وطابت نفسُه أن يرُدَّه فشأنُه ، ومن لا فليُعطِنا وليكُنْ قَرْضاً علينا حتى نُصيبَ شيئاً فنعُطِيَه مكانه » ، قالوا : قد رضِينا وسلّمنا فقال عليه الصلاة والسلام : «إنا لا ندري لعل فيكم من لا يرضى فمُروا عُرفاءَكم فليرفعوا ذلك إلينا » فرَفَعتْ إليه العرفاءُ أنهم قد رضُوا .