جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ هَنِيٓـَٔۢا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (43)

وقوله : كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئا بما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ يقول تعالى ذكره : يقال لهم : كلوا أيها القوم من هذه الفواكه ، واشربوا من هذه العيون كلما اشتهيتم هنيئا يقول : لا تكدير عليكم ، ولا تنغيص فيما تأكلونه وتشربون منه ، ولكنه لكم دائم لا يزول ، ومريء لا يورثكم أذى في أبدانكم .

وقوله : بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ يقول جلّ ثناؤه يقال لهم : هذا جزاء بما كنتم في الدنيا تعملون من طاعة الله ، وتجتهدون فيما يقرّبكم منه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ هَنِيٓـَٔۢا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (43)

وجملة { كلوا واشربوا } مقول قول محذوف ، وذلك المحذوف في موقع الحال من { المتقين } ، والتقدير : مقولاً لهم كلوا واشربوا .

والمقصود من ذلك القول كرامتهم بعرض تناول النعيم عليهم كما يفعله المضيف لضيوفه فالأمر في { كلوا واشربوا } مستعمل في العَرض .

و { هنيئاً } دُعاء تكريم كما يقال للشارب أو الطعام في الدنيا : هَنيئاً مريئاً ، كقوله تعالى : { فكلوه هنيئاً مريئاً } في سورة النساء ( 4 ) .

و{ هنيئاً } وصف لموصوف غيرِ مذكور دل عليه فعل { كلوا واشربوا } وذلك الموصوف مفعول مطلق من { كلوا واشربوا } مُبيّن للنوع لقصد الدعاء مثل : سَقْياً ورَعياً ، في الدعاء بالخير ، وتَبّاً وسُحْقاً في ضده .

والباء في { بما كنتم تعملون } للسببية ، أي لإِفادة تسبب ما بعدها في وقوع متعلَّقه ، أي كلوا واشربوا بسبب ما كنتم تعملون في الدنيا من الأعمال الصالحة وذلك من إكرامهم بأنْ جعل ذلك الإِنعام حقاً لهم .