جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَجَمَعَ فَأَوۡعَىٰٓ} (18)

وقوله : وَجَمَعَ فأَوْعَى يقول : وجمع مالاً فجعله في وعاء ، ومنع حقّ الله منه ، فلم يُزَكّ ولم ينفق فيما أوجب الله عليه إنفاقه فيه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : وَجَمَعَ فأَوْعَى قال : جمع المال .

حدثنا محمد بن منصور الطوسى ، قال : حدثنا أبو قطن ، قال : حدثنا المسعودي ، عن الحكم ، قال : كان عبد الله بن عكيم ، لا يربط كيسه ، يقول : سمعت الله يقول : وَجَمَعَ فأَوْعَى .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَجَمَعَ فأَوْعَى كان جموعا قموما للخبيث .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَجَمَعَ فَأَوۡعَىٰٓ} (18)

و { أوعى } معناه : جعلها في الأوعية تقول : وعيت العلم وأوعيت المال والمتاع ، ومنه قول الشاعر [ عبيد بن الأبرص ] : [ البسيط ]

الخير يبقى وإن طال الزمان به*** والشر أخبث ما أوعيت من زاد{[11324]}

وهذه إشارة إلى كفار أغنياء جعلوا جمع المال أوكد أمرهم ، ومعنى حياتهم فجمعوه من غير حل ومنعوه من حقوق الله ، وكان عبد الله بن عكيم لا يربط كيسه ، ويقول : سمعت الله تعالى يقول : { وجمع فأوعى } .


[11324]:هذا البيت لعبيد بن الأبرص، وهو من قصيدة له مطلعها: طاف الخيال علينا ليلة الوادي من أم عمرو، ولم يلمم لميعاد وهو في الديوان، واللسان، وقال محقق الديوان: إن هذا البيت لم يرد إلا في الخزانة والأغاني، وأوعيت: حفظت في وعاء، وهو الشاهد هنا، والمعنى: إن الخير يبقى على الزمن مهما طال، وإن الشر هو أخبث ما حفظت وادخرت من زاد، هذا والقصيدة كلها فيها اضطراب في ترتيبها وعدد أبياتها تجده في المراجع المختلفة.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَجَمَعَ فَأَوۡعَىٰٓ} (18)

والجمع والإِيعاء في قوله : { وجمع فأوعى } مرتب ثانيهما على أولهما ، فيدل ترتب الثاني على الأول أن مفعول { جمع } المحذوف هو شيء مما يوعى ، أي يُجعل في وعاء .

والوعاء : الظرف ، أي جمع المال فكنزه ولم ينفع به المحَاويج ، ومنه جاء فعل { أوعى } إذا شحّ . وفي الحديث : " ولا تُوعي فيُوعَى عليك " .

وفي قوله : { جمَع } إشارة إلى الحرص ، وفي قوله : { فأوعى } إشارة إلى طول الأمل . وعن قتادة { جمع فأوعى } كان جَمُوعاً للخبيث ، وهذا تفسير حسن ، أي بأن يُقدَّر ل { جمع } مفعول يدل عليه السياق ، أي وزاد على إدباره وتوليه أنه جمع الخبائث . وعليه يكون { فأوعى } مستعاراً لملازمته مَا فيه من خصال الخبائث واستمراره عليها فكأنها مختزنَة لا يفرط فيها .