جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَسَجَدَ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ كُلُّهُمۡ أَجۡمَعُونَ} (30)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَسَجَدَ الْمَلآئِكَةُ كُلّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلاّ إِبْلِيسَ أَبَىَ أَن يَكُونَ مَعَ السّاجِدِينَ * قَالَ يَإِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاّ تَكُونَ مَعَ السّاجِدِينَ } .

يقول تعالى ذكره : فلما خلق الله ذلك البشر ونفخ فيه الروح بعد أن سوّاه ، سجد الملائكة كلهم جميعا إلا إبليس ، فإنه أبى أن يكون مع الساجدين في سجودهم لاَدم حين سجدوا ، فلم يسجد له معهم تكبرا وحسدا وبغيا ، فقال الله تعالى ذكره : يا إبليسُ ما لكَ ألاّ تكونَ معَ السّاجِدينَ يقول : ما منعك من أن تكون مع الساجدين ؟ ف «أنْ » في قول بعض نحويي الكوفة خفض ، وفي قول بعض أهل البصرة نصب بفقد الخافض .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَسَجَدَ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ كُلُّهُمۡ أَجۡمَعُونَ} (30)

وقوله : { كلهم أجمعون } هو -عند سيبويه - تأكيد بعد تأكيد ، يتضمن الآخر ما تضمن الأول . وقال غيره : { كلهم } لو وقف عليه - لصلحت للاستيفاء ، وصلحت على معنى المبالغة مع أن يكون البعض لم يسجد ، وهذا كما يقول القائل : كل الناس يعرف كذا ، وهو يريد أن المذكور أمر مشتهر ، فلما قال : { أجمعون } رفع الاحتمال في أن يبقى منهم أحد ، واقتضى الكلام أن جميعهم سجد . وقال ابن المبرد : لو وقف على { كلهم } لاحتمل أن يكون سجودهم في مواطن كثيرة ، فلما قال : { أجمعون } دل على أنهم سجدوا في موطن واحد .

قال القاضي أبو محمد : واعترض قول المبرد بأنه جعل قوله : { أجمعون } حالاً . بمعنى مجتمعين ، يلزمه - على هذا - أن يكون أجمعين ، يقرب من التنكير إذ هو معرفة لكونه يلزم اتباع المعارف ، والقراءة بالرفع تأبى قوله .