قوله تعالى " فسجد الملائكة كلهم أجمعون . إلا إبليس " فيه مسألتان :
الأولى : لا شك أن إبليس كان مأمورا بالسجود ؛ لقوله : " ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك{[9662]} " [ الأعراف : 12 ] وإنما منعه من ذلك الاستكبار والاستعظام ، كما تقدم في " البقرة " {[9663]} بيانه . ثم قيل : كان من الملائكة ، فهو استثناء من الجنس . وقال قوم : لم يكن من الملائكة ، فهو استثناء منقطع . وقد مضى في " البقرة{[9664]} " هذا كله مستوفى . وقال ابن عباس : الجان أبو الجن وليسوا شياطين . والشياطين ولد إبليس ، لا يموتون إلا مع إبليس . والجن يموتون ، ومنهم المؤمن ومنهم الكافر . فآدم أبو الإنس . والجان أبو الجن . وإبليس أبو الشياطين ، ذكره الماوردي . والذي تقدم في " البقرة " خلاف هذا ، فتأمله هناك .
الثانية : الاستثناء من الجنس غير الجنس صحيح عند الشافعي ، حتى لو قال : لفلان علي دينار إلا ثوبا ، أو عشرة أثواب إلا قفيز حنطة ، وما جانس ذلك كان مقبولا ، ولا يسقط عنه من المبلغ قيمة الثوب والحنطة . ويستوي في ذلك المكيلات والموزونات والمقدرات . وقال مالك وأبو حنيفة رضي الله عنهما : استثناء المكيل من الموزون والموزون من المكيل جائز ، حتى لو استثنى الدراهم من الحنطة والحنطة من الدراهم قبل . فأما إذا استثنى المقومات من المكيلات أو الموزونات ، والمكيلات من المقومات ، مثل أن يقول : علي عشرة دنانير إلا ثوبا ، أو عشرة أثواب إلا دينارا لا يصح الاستثناء ، ويلزم المقر جميع المبلغ . وقال محمد بن الحسن : الاستثناء من غير الجنس لا يصح ، ويلزم المقر جملة{[9665]} ما أقر به . والدليل لقول الشافعي أن لفظ الاستثناء يستعمل في الجنس وغير الجنس ، قال الله تعالى : " لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما . إلا قيلا سلاما سلاما{[9666]} " [ الواقعة : 25 - 26 ] فاستثنى السلام من جملة اللغو . ومثله " فسجد الملائكة كلهم أجمعون . إلا إبليس " وإبليس من جملة الملائكة ، قال الله تعالى : " إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر{[9667]} ربه " [ الكهف : 50 ] وقال الشاعر :
وبلدةٍ ليس بها أنيسُ *** إلا اليعافيرُ وإلا العيسُ
فاستثنى اليعافير وهي ذكور الظباء ، والعيس وهي الجمال البيض من الأنيس ، ومثله قول النابغة{[9668]} :
[ حلفتُ يمينًا غير ذي مَثْنَوِيَّةٍ *** ولاَ علمَ إلا حسن ظن بصاحب ]
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.