جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٖ} (222)

القول في تأويل قوله تعالى : { هَلْ أُنَبّئُكُمْ عَلَىَ مَن تَنَزّلُ الشّيَاطِينُ * تَنَزّلُ عَلَىَ كُلّ أَفّاكٍ أَثِيمٍ * يُلْقُونَ السّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ } . يقول تعالى ذكره : هَلْ أُنَبّئُكُمْ أيها الناس عَلى مَنْ تَنزّلُ الشّيَاطِينُ من الناس ؟ تَنزّلُ عَلى كُلّ أفّاكٍ يعني كذّاب بهّات أثِيمٍ يعني : آثم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : كُلّ أفّاكٍ أثِيمٍ قال : كلّ كذّاب من الناس .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد تَنزّلُ عَلى كُلّ أفّاكٍ أثِيمٍ قال : كذّاب من الناس .

حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قَتادة ، في قوله : كُلّ أفّاكٍ أثِيمٍ قال : هم الكهنة تسترق الجنّ السمع ، ثم يأتون به إلى أوليائهم من الإنس .

حدثني محمد بن عمارة الأسدي ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن وهب ، قال : كنت عند عبد الله بن الزبير ، فقيل له : إن المختار يزعم أنه يوحى إليه ، فقال : صدق ، ثم تلا : هَلْ أُنَبّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنزّلُ الشّياطينُ تَنزّلُ عَلى كُلّ أفّاكٍ أثِيمٍ .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٖ} (222)

{ هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم } لما بين أن القرآن لا يصح أن يكون مما تنزلت به الشياطين أكد ذلك بأن بين أن محمدا صلى الله عليه وسلم لا يصح أن يتنزلوا عليه من وجهين : أحدهما أنه إنما يكون على شرير كذاب كثير الإثم ، فإن اتصال الإنسان بالغائبات لما بنيهما من التناسب والتواد وحال محمد صلى الله عليه وسلم على خلاف ذلك .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٖ} (222)

أجيب الاستفهام هنا بقوله : { تنزل على كل أفاكٍ أثيم } .

و { كل } هنا مستعملة في معنى التكثير ، أي على كثير من الأفّاكين وهم الكهان ، قال النابغة :

وكُلِّ صَموت نثلة تُبَّعيَّةٍ *** ونَسج سُلَيْم كُلَّ قمصاءَ ذائِل

والأفاك كثير الإفك ، أي الكذب ، والأثيم كثير الإثم . وإنما كان الكاهن أثيماً لأنه يضم إلى كذبه تضليل الناس بتمويه أنه لا يقول إلا صدقاً ، وأنه يتلقى الخبر من الشياطين التي تأتيه بخبر السماء .

وجُعل للشياطين { تنزّل } لأن اتصالها بنفوس الكهان يكون بتسلسل تموجات في الأجواء العليا كما تقدم في سُورة الحجر .