محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٖ} (222)

{ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ } أي كذاب في قوله ، يصرف الكلام من وجه إلى آخر ، ولا يبالي بذلك . لأنه أثيم كثير الإثم والفجور في فعله . وحيث كان المقام النبوي منزها عن ذلك ، اتضح استحالة تنزلهم عليه .

قال القاشاني : لأن تنزلهم لا يكون إلا عند استعداد قبول النفوس لنزولها ، بالمناسبة في الخبث والكيد والمكر والغدر والخيانة وسائر الرذائل . فمن تجرد عن صفات النفس ، وترقى إلى جناب القدس ، وتنورت نفسه بالأنوار الروحية ومصابيح الشهب السبوحية ، وأشرق عقله بالاتصال بالعالم الأعلى ، فلا يمكن للشياطين أن ينزلوا عليه ، ولا أن يتلقفوا المعارف والحقائق والشرائع . فإنهم معزولون عن استماع كلام الملكوت الأعلى ، مرجومون بشهب الأنوار القدسية . وقوله تعالى { قل هل أنبئكم } تقرير لقوله تعالى { وما ينبغي لهم وما يستطيعون } لأن الإفك والإثم من لوازم النفوس الكدرة الخبيثة المظلمة السفلية ، المستمدة من الشياطين بالمناسبة ، المستدعية لإلقائهم وتنزلهم بحسب الجنسية . انتهى .