جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَزِفَتِ ٱلۡأٓزِفَةُ} (57)

وقوله : أزِفَتِ الاَزِفَةُ يقول : دنت الدانية . وإنما يعني : دنت القيامة القريبة منكم أيها الناس يقال منه : أزف رَحيل فلان : إذا دنا وقَرُب ، كما قال نابغة بني ذُبيان :

أَزِفَ التّرَحّلُ غَيرَ أنّ رِكابَنا *** لَمّا تَزُلْ بِرِحالِنا وكأنْ قَدِ

وكما قال كعب بن زُهَير :

بانَ الشّبابُ وأمْسَى الشّيبُ قَدْ أزِفا *** وَلا أرَى لشَبابٍ ذَاهِبٍ خَلَفَا

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس أزِفَتِ الاَزِفَةِ من أسماء يوم القيامة ، عظّمه الله ، وحذّره عباده .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قالا : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : أزِفَتِ الاَزِفَةُ قال : اقتربت الساعة .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : أزِفَتِ الاَزِفَةُ قال : الساعة لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللّهِ كاشِفَةٌ .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَزِفَتِ ٱلۡأٓزِفَةُ} (57)

{ أزفت الآزفة } دنت الساعة الموصوفة بالدنو في نحو قوله تعالى : { اقتربت الساعة } .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَزِفَتِ ٱلۡأٓزِفَةُ} (57)

وقوله : { أزفت } معناه : قربت القريبة . و : { الآزفة } عبارة عن القيامة بإجماع من المفسرين . وأزف معناه : قرب جداً ، قال كعب بن زهير : [ البسيط ]

بان الشباب وأمسى الشيب قد أزفا*** ولا أرى لشباب ذاهب خلفا{[10740]}


[10740]:يبكي شبابه ويتوجس خيفة من الشيب، وبان: ذهب وارتحل، وأزف: دنا واقترب جدا، وهو موضع الاستشهاد هنا، يقول: ذهب الشباب واقترب المشيب فالكبر والعجز، وليس بعد ذلك إلا الفناء، فإذا ذهب الشباب فقد ذهب العمر كله في الحقيقة.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَزِفَتِ ٱلۡأٓزِفَةُ} (57)

تتنزل هذه الجملة من التي قبلها منزلة البيان للإِنذار الذي تضمّنه قوله : { هذا نذير } [ النجم : 56 ] .

فالمعنى : هذا نذير بآزفة قربت ، وفي ذكر فعل القرب فائدة أخرى زائدة على البيان وهي أن هذا المنذَر به دَنا وقته ، فإنّ : أزف معناه : قَرب وحقيقته القرب المكان ، واستعير لقرب الزمان لكثرة ما يعاملون الزمان معاملة المكان .

والتنبيه على قرب المنذر به من كمال الإِنذار للبدار بتجنب الوقوع فيما ينذر به .

وجيء لفعل { أزفت } بفاعل من مادة الفعل للتهويل على السامع لتذهب النفس كل مذهب ممكن في تعيين هذه المحادثة التي أزفت ، ومعلوم أنها من الأمور المكروهة لورود ذكرها عقب ذكر الإِنذار .

وتأنيث { الأزفة } بتأويل الوقعة ، أو الحادثة كما يقال : نَزلت به نازلة ، أو وقعت الواقعة ، وغشيته غاشية ، والعرب يستعملون التأنيث دلالة على المبالغة في النوع ، ولعلهم راعوا أن الأنثى مصدر كثرة النوع .

والتعريف في { الأزفة } تعريف الجنس ، ومنه زيادة تهويل بتمييز هذا الجنس من بين الأجناس لأن في استحضاره زيادة تهويل لأنه حقيق بالتدبر في المخلَص منه نظير التعريف في { الحمد لله } [ الفاتحة : 2 ] ، وقولهم : أرسلها العِراك .

والكلام يحتمل آزفة في الدنيا من جنس ما أُهلك به عاد وثمود وقوم نوح فهي استئصالهم يوم بدر ، ويحتمل آزفة وهي القيامة . وعلى التقديرين فالقرب مراد به التحقق وعدم الانقلاب منها كقوله تعالى : { اقتربت الساعة } [ القمر : 1 ] وقوله : { إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً } [ المعارج : 6 ، 7 ] .