التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَذَرۡهُمۡ يَخُوضُواْ وَيَلۡعَبُواْ حَتَّىٰ يُلَٰقُواْ يَوۡمَهُمُ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ} (83)

والفاء فى قوله - تعالى - : { فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ . . } للافصاح عن شرط مقدر . .

أى : إذا كان الأمر كما ذكرنا لك - أيها الرسول الكريم -فاترك هؤلاء الكافرين يخوضون فى باطلهم ، وينهمكون فى لعبهم .

{ حتى يُلاَقُواْ يَوْمَهُمُ الذي يُوعَدُونَ } وهو يوم القيامة ، الذى سنحاسبهم فيه حسابا عسيرا ، ونعاقبهم بالعقوبة التى يستحقونها .

فالآية الكريمة تسلية للرسول - صلى الله عليه وسلم - عما لحقه منهم من أذى ، وتهديد لأولئك الكافرين على أقوالهم الباطلة ، وأفعالهم الشنيعة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَذَرۡهُمۡ يَخُوضُواْ وَيَلۡعَبُواْ حَتَّىٰ يُلَٰقُواْ يَوۡمَهُمُ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ} (83)

اعتراض بِتَفْرِيعٍ عَن تنزيه الله عما ينسبونه إليه من الولد والشركاء ، وهذا تأييس من إجداء الحجة فيهم وأن الأوْلى به متاركتهم في ضلالهم إلى أن يحِين يومٌ يلقون فيه العذاب الموعود . وهذا متحقق في أيمة الكفر الذين ماتوا عليه ، وهم الذين كانوا متصدين لمحاجّة النبي صلى الله عليه وسلم ومجادلته والتشغيب عليه مثل أبي جهل وأمية بن خلف وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة والوليد بن المغيرة والنضر بن عبد الدار ممن قُتلوا يوم بدر .

و ( اليومَ ) هنا محتمل ليوم بدر وليوم القيامة وكلاهما قد وُعدوه ، والوعد هنا بمعنى الوعيد كما دل عليه السياق .

والخَوْض حقيقته : الدخول في لُجّة الماء ماشياً ، ويطلق مجازاً على كثرة الحديث ، والأخبار والاقتصار على الاشتغال بها ، وتقدم في قوله : { وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم } في سورة الأنعام ( 68 ) .

والمعنى : فأعرض عنهم في حال خَوضهم في الأحاديث ولَعِبهم في مواقع الجد حين يهزأوون بالإسلام . واللعب : المزح والهزل .

وجُزم فعل { يخوضوا ويلعبوا } بلام الأمر محذوفة وهو أولى من جعله جزماً في جواب الأمر ، وقد تكرر مثله في القرآن فالأمر هنا مستعمل في التهديد من قبيل { اعملوا ما شئتم } [ فصلت : 40 ] .

وقرأ الجمهور { يلاقوا } بضم الياء وبألف بعد اللام ، وصيغة المفاعلة مجاز في أنه لقاء مُحقق . وقرأه أبو جعفر { يَلْقوا } بفتح الياء وسكون اللام على أنه مضارع المُجرد .