التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{مَّـٰكِثِينَ فِيهِ أَبَدٗا} (3)

{ مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً } أى : مقيمين فيه إقامة باقية دائمة لا انتهاء لها ، فالضمير فى قوله { فيه } يعود إلى الأجر الذى يراد به الجنة .

قال - تعالى - : { فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ المتقين وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً } ثم خص - سبحانه - بالإِنذار فرقة من الكافرين ، نسبوا إلى الله - تعالى - ما هو منزه عنه ، فقال : { وَيُنْذِرَ الذين قَالُواْ اتخذ الله وَلَداً مَّا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلاَ لآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً } .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{مَّـٰكِثِينَ فِيهِ أَبَدٗا} (3)

و { ماكثين } حال من الضمير في { لهم } و { أبداً } ظرف لأنه دال على زمن غير متناه .

قال القاضي أبو محمد : وقد أشرت في تفسير هذه الآية إلى أمر اليهود قريشاً بسؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن المسائل الثلاث ، وينبغي أن تنص كيف كان ذلك .

ذكر ابن إسحاق عن ابن عباس بسند ، أنه قال : بعثت قريش النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط ، إلى أحبار يهود بالمدينة ، فقالوا لهما سلاهم عن محمد وصفا لهم صفته ، فإنهم أهل الكتاب الأول ، وعندهم ما ليس عندنا من علم الأنبياء ، فخرجا حتى أتيا المدينة ، فسألا أحبار اليهود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت لهما أحبار يهود : سلوه عن ثلاث نأمركم بهن ، فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل ، وإن لم يفعل فالرجل متقول ، فروا فيه رأيكم ، سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول وما كان من أمرهم ؟ فإنه كان لهم حديث عجيب ، وسلوه عن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها ما كان نبؤه ؟ وسلوه عن الروح . فأقبل النضر وعقبة إلى مكة وسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك{[7741]} ، وكان الأمر ما ذكرناه .


[7741]:أخرجه ابن إسحق، وابن جرير الطبري، وابن المنذر، وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما. وقول المؤلف: "وسألوا" يعني قريشا.