التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالَ عَمَّا قَلِيلٖ لَّيُصۡبِحُنَّ نَٰدِمِينَ} (40)

وجاءت الاستجابة من الله - تعالى - لهذا النبى ، كما جاءت لأخيه نوح من قبله ، ويحكى القرآن ذلك فيقول : { قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَّيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ } .

أى : قال الله - عز وجل - لنبيه : لقد أجبنا دعاءك أيها النبى الكريم ، وبعد وقت قليل من الزمان . ليصبحن نادمين أشد الندم على أقوالهم الباطلة ، وأفعالهم القبيحة ، ولكن هذا الندم لن ينفعهم لأنه جاء فى غير أوانه .

والجار والمجرور فى قوله { عَمَّا قَلِيلٍ } متعلق بقوله : { لَّيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ } أى : ليصبحن عن زمن قليل نادمين ، و " عن " هنا بمعنى بعد ، و " ما " جىء بها لتأكيد معنى القلة .

وأكد - سبحانه - قوله { لَّيُصْبِحُنَّ } بلام القسم ونون التوكيد ، لبيان أن هذا الوعيد آت لا ريب فيه ، وفى وقت قريب .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ عَمَّا قَلِيلٖ لَّيُصۡبِحُنَّ نَٰدِمِينَ} (40)

{ قال عما قليل } عن زمان قليل و " ما " صلة لتوكيد معنى القلة ، أو نكرة موصوفة . { ليصبحن نادمين } على التكذيب إذا عاينوا العذاب .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالَ عَمَّا قَلِيلٖ لَّيُصۡبِحُنَّ نَٰدِمِينَ} (40)

{ وعَمَّا قَليلٍ } أفاد حرف ( عن ) المجاوزة ، أي مجاوزة معنى مُتعلَّقها الاسمَ المجرور بها . ويكثر أن تفيد مجاوزة معنى متعلّقها الاسم المجرور بها فينشأ منها معنى ( بَعْد ) نحو { لَتَرْكَبُنّ طَبَقاً عَن طَبَقٍ } [ الانشقاق : 19 ] فيقال : إنها تجيء بمعنى ( بَعْد ) كما ذكره النحاة وهم جروا على الظاهر وتفسير المعنى إذ لا يكون حرف بمعنى اسم ، فإن معاني الحروف ناقصة ومعاني الأسماء تامة . فمعنى { عما قليل ليصبحن نادمين } : أن إصباحهم نادمين يتجاوز زمناً قليلاً : أي من زمان التكلم وهو تجاوز مجازي بحرف ( عن ) مستعار لمعنى ( بَعْد ) استعارة تبعيَّة . و { ما } زائدة للتوكيد .

و { قليل } صفة لموصوف محذوف دل عليه السياق أو فعل الإصباح الذي هو من أفعال الزمن فوعد الله هذا الرسول نصراً عاجلاً .

وندمهم يكون عند رؤية مبدأ الاستئصال ولا ينفعهم ندمهم بعد حلول العذاب .

والإصباح هنا مراد به زمن الصباح لا معنى الصيرورة بدليل قوله في سورة الحجر ( 83 ) { فأخذتهم الصيحة مصبحين . }

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{قَالَ عَمَّا قَلِيلٖ لَّيُصۡبِحُنَّ نَٰدِمِينَ} (40)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{قال عما قليل} قال: عن قليل {ليصبحن نادمين}.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 39]

وقوله:"قالَ رَبّ انْصُرْنِي بِمَا كَذّبُونِ" يقول: قال صالح لما أيس من إيمان قومه بالله ومن تصديقهم إياه بقولهم "وَما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ": "ربّ انْصُرْنِي "على هؤلاء "بما كَذّبُونِ" يقول: بتكذيبهم إياي فيما دعوتهم إليه من الحقّ. فاستغاث صلوات الله عليه بربه من أذاهم إياه وتكذيبهم له، فقال الله له مجيبا في مسألته إياه ما سأل: عن قليل يا صالح ليصبحُنّ مكذّبوك من قومك على تكذيبهم إياك نادمين، وذلك حين تَنزل بهم نقمتنا فلا ينفعهم الندم.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

عن قريب يندمون بتكذيب هذا القول الذي قالوه، والإنكار الذي أنكروه، لاشك في ذلك.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

" نادمين "على ما فعلوه من تكذيب الرسل، وجحد وحداينة الله، والإشراك مع الله في عبادته غيره.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

فأجابه الله تعالى فيما سأل وقال: {عما قليل ليصبحن نادمين} والأقرب أن يكون المراد بأن يظهر لهم علامات الهلاك، فعند ذلك يحصل منهم الحسرة والندامة على ترك القبول، ويكون الوقت وقت إيمان اليأس فلا ينتفعون بالندامة.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وعندئذ وقعت الاستجابة، بعد أن استوفى القوم أجلهم؛ ولم يعد فيهم خير يرجى بعد العناد والغفلة والتكذيب..

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والإصباح هنا مراد به زمن الصباح لا معنى الصيرورة بدليل قوله في سورة الحجر (83) {فأخذتهم الصيحة مصبحين.}.

زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :

أجابه ربه بأن نصره قريب فقال له: {قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ}. {عما} هنا لتأكيد القول، ولبيان القلة الزمنية التي تكون حتى ينزل عليهم عذاب الله الساحق الماحق، أي عن قليل من الزمن متجاوزين عنه أي تاركين له أي قلة في غيهم يرتعون {لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ} على كفرهم وعلى عنادهم، وصدهم عن سبيل الله بعد مقاومتهم للحق. وقد تأكد نزول العذاب بهم بمؤكدات، فأكد أولا ب "ما "المؤكدة، وثانيا بالقسم، وثالثا لام القسم، ورابعا نون التوكيد الثقيلة،