روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{قَالَ عَمَّا قَلِيلٖ لَّيُصۡبِحُنَّ نَٰدِمِينَ} (40)

{ قَالَ } تعالى إجابة لدعائه وعدة بما طلب ، { عَمَّا قَلِيلٍ } أي عن زمان قليل فما صلة بين الجار والمجرور جيء بها لتأكيد معنى القلة و { قَلِيلٌ } صفة لزمان حذف واستغنى به عنه ومجيئه كذلك كثير ، وجوز أن تكون { مَا } نكرة تامة و { قَلِيلٌ } بدلاً منها ، وأن تكون نكرة موصوفة بقليل ، و { عَنْ } بمعنى بعد هنا وهي متعلق بقوله تعالى : { لَّيُصْبِحُنَّ نادمين } وتعلقها بكل من الفعل والوصف محتمل ، وجاز ذلك مع توسط لام القسم لأن الجار كالظرف يتوسع فيه ما لا يتوسع في غيره .

وقال أبو حيان : جمهور أصحابنا على أن لام القسم لا يتقدمها معمول ما بعدها سواء كان ظرفاً أم جاراً ومجروراً أو غيرهما ، وعليه يكون ذلك متعلقاً بمحذوف يدل عليه ما قبله والتقدير عما قليل تنصر أو ما بعده أي يصبحون عما قليل ليصبحن الخ ، ومذهب الفراء . وأبي عبيدة أنه يجوز تقديم معمول ما في حيز هذه اللام عليها مطلقاً ، و { يُصْبِحَ } بمعنى يصير أي بالله تعالى ليصيرن نادمين على ما فعلوا من التكذيب بعد زمان قليل وذلك وقت نزول العذاب في الدنيا ومعاينتهم له ، وقيل : بعد الموت ، وفي «اللوامح » عن بعضهم { *لتصبحن } بتاء على المخاطبة فلو ذهب ذاهب إلى أن القول من الرسول إلى الكفار بعدما أجيب دعاؤه لكان جائزاً .