التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَٱسۡتَجَابَ لَهُۥ رَبُّهُۥ فَصَرَفَ عَنۡهُ كَيۡدَهُنَّۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (34)

وقوله - سبحانه - { فاستجاب لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السميع العليم } بيان لتقبل الله - تعالى - لدعائه بفضله ورحمته .

أى : فاستجاب الله - تعالى - ليوسف دعاءه وضراعته ، فدفع عنه بلطفه وقدرته كيد هؤلاء النسوة ومكرهن ، بأن أدخل اليأس في نفوسهن من الطمع في استجابته لهن ، وبأن زاده ثباتا على ثباته ، وقوة على قوته ، فلم ينخدع بمكرهن ، ولم تلن له قناة أمام ترغيبهن أو ترهيبهن .

وقال - سبحانه - { فاستجاب } بفاء التعقيب للإِشارة إلى أنه - سبحانه - بفضله وكرمه ، قد أجاب دعاء عبده يوسف - عليه السلام - بدون تأخير أو إبطاء .

قال الإِمام ابن كثير : وقوله - سبحانه - { فاستجاب لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ .

وذلك لأن يوسف - عليه السلام - عصمه الله عصمة عظيمة ، وحماه فامتنع منها أشد الامتناع ، واختار السجن على ذلك ، وهذا في غاية مقامات الكمال ، أنه مع شبابه وجماله وكماله ، تدعوه سيدته ، وهى امرأة عزيز مصر ، وهى مع هذا في غاية الجمال والمال والرياسة ، فيمتنع من ذلك ويختار السجن خوفا من الله ، ورجاء في ثوابه .

ولهذا ثبت في الصحيحين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل ، وشاب نشأ في عبادة الله ، ورجل قلبه معلق بالمساجد ، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه ، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إنى أخاف الله "

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَٱسۡتَجَابَ لَهُۥ رَبُّهُۥ فَصَرَفَ عَنۡهُ كَيۡدَهُنَّۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (34)

{ فاستجاب له ربه } فأجاب الله دعاءه الذي تضمنه قوله : { وإلا تصرف } { فصرف عنه كيدهنّ } فثبته بالعصمة حتى وطن نفسه على مشقة السجن وآثرها على اللذة المتضمنة للعصيان . { إنه هو السميع } لدعاء الملتجئين إليه . { العليم } بأحوالهم وما يصلحهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَٱسۡتَجَابَ لَهُۥ رَبُّهُۥ فَصَرَفَ عَنۡهُ كَيۡدَهُنَّۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (34)

وقوله : { فاستجاب له ربه } الآية ، قول يوسف عليه السلام : { رب السجن } إلى قوله : { من الجاهلين } كلام يتضمن التشكي إلى الله عز وجل من حاله معهن ، والدعاء إليه في كشف بلواه . فلذلك قال - بعد مقالة يوسف - { فاستجاب له ربه } أي أجابه إلى إرادته وصرف عنه كيدهن في أن حال بينه وبين المعصية ، وقوله : { السميع العليم } صفتان لائقتان بقوله : { فاستجاب } .