التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَا ٱلظُّلُمَٰتُ وَلَا ٱلنُّورُ} (20)

ثم ساق - سبحانه - أمثلة ، لبيان الفرق الشاسع بين المؤمن والكافر ، وبين الحق والباطل ، وبين العلم والجهل . . فقال - تعالى - : { وَمَا يَسْتَوِي الأعمى والبصير وَلاَ الظلمات وَلاَ النور وَلاَ الظل وَلاَ الحرور وَمَا يَسْتَوِي الأحيآء وَلاَ الأموات . . . } .

والحرور : هو الريح الحارة التى تلفح الوجوه من شدة حرها ، فهو فعول من الحر .

أى : وكما أنه لا يستوى فى عرف أى عاقل الأعمى والبصير ، كذلك لا يستوى الكافر والمؤمن ، وكما لا تصلح المساواة بين الظلمات والنور ، كذلك لا تصلح المساواة بين الكفر والإِيمان ، وكما لا يتاسوى المكان الظليل مع المكان الشديد الحرارة ، كذلك لا يستوى أصحاب الجنة وأصحاب النار .

فأنت ترى أن الآيات الكريمة قد مثلت الكافر فى عدم اهتدائه بالأعمى ، والمؤمن بالبصير ، كما مثلت الكفر بالظمات والإِيمان بالنور ، والجنة بالظل الظليل ، والنار بالريح الحارة التى تشبه السموم .

وكرر - سبحانه - لفظ { لاَ } أكثر من مرة ، لتأكيد نفى الاستواء ، بأية صورة من الصور .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَا ٱلظُّلُمَٰتُ وَلَا ٱلنُّورُ} (20)

{ ولا الظلمات ولا النور } ولا الباطل ولا الحق .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَا ٱلظُّلُمَٰتُ وَلَا ٱلنُّورُ} (20)

مضمن هذه الآية طعن على الكفرة وتمثيل لهم بالعمى والظلمات وتمثيل المؤمنين بآرائهم بالبصراء والأنوار ، وقوله { ولا النور } ودخول { لا } فيها وفيما بعدها إنما هو على نية التكرار كأنه قال { ولا الظلمات } والنور ، { ولا النور } ولا الظلمات ، فاستغنى بذكر الأوائل عن الثواني ودل مذكور الآية على متروكه{[9711]} .


[9711]:عقب أبو حيان الأندلسي في "البحر المحيط" على كلام ابن عطية هذا بعد أن نقله بقوله:"وما ذكر غير محتاج إلى تقديره؛ لأنه إذا نفى استواء الظلمات والنور فأي فائدة في تقدير نفي استوائهما ثانيا وادعاء محذوفين؟ وأنت تقول: ما قام زيد ولا عمرو، فتؤكد بـ(لا) معنى النفي فكذلك هنا". وكأن هذا الاعتراض منصب على التقدير، لأن أبا حيان عاد بعد قليل فقال:"وكرر(لا) لتأكيد المنافاة، فالظلمات تنافي النور وتضاده، والظل والحرور كذلك، والأعمى والبصير ليسا كذلك؛ لأن الشخص الواحد قد يكون بصيرا ثم يعرض له العمى، فلا منافاة إلا من حيث الوصف، والمنافاة بين الظل والحرور دائمة، ولهذا أكدها بالتكرار، وكذلك المنافاة بين الأحياء والأموات أتم، من حيث أن الجسم الواحد يكون محلا للحياة ثم يصير محلا للموت، أما الأعمى والبصير فقد يشتركان في إدراك شيء ما"، ومعنى هذا أن أبا حيان يعلل تكرار(لا) بتأكيد المنافاة.