التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (95)

وقوله : { وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الذين كَذَّبُواْ بِآيَاتِ الله فَتَكُونَ مِنَ الخاسرين } تعريض بأولئك الشاكين والمكذبين له - صلى الله عليه وسلم - من قومه . أى : ولا تكونن من القوم الذين كذبوا بآيات الله الدالة على صدقك فيما تبلغه عنا ، فتكون بذلك من الخاسرين الذين أضاعوا دنياهم وأخراهم .

قال الآلوسى : " وفائدة النهى في الموضعين التهييج والإِلهاب نظير ما مر . والمراد بذلك الإِعلام بأن الامتراء والتكذيب قد بلغا في القبح والمحذورية إلى حيث ينبغى أن ينهى عنهما من لا يمكن أن يتصف بهما ، فكيف بمن يمكن اتصافه بذلك . . "

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (95)

قال قتادة بن دِعَامة : بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا أشك ولا أسأل " {[14423]}

وكذا قال ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، والحسن البصري ، وهذا فيه تثبيت{[14424]} للأمة ، وإعلام لهم أن صفة نبيهم صلى الله عليه وسلم موجودة{[14425]} في الكتب المتقدمة التي بأيدي أهل الكتاب ، كما قال تعالى : { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإنْجِيلِ } الآية [ الأعراف : 157 ] . ثم مع هذا العلم يعرفونه من كتبهم كما يعرفون أبناءهم ، يلبسون ذلك ويحرفونه ويبدلونه ، ولا يؤمنون به مع قيام الحجة عليهم ؛ ولهذا قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الألِيمَ } أي : لا يؤمنون إيمانا ينفعهم ، بل حين لا ينفع نفسًا إيمانها ؛ ولهذا لما دعا موسى ، عليه السلام ، على فرعون وملئه قال : { رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الألِيمَ } [ يونس : 88 ] ، كما قال تعالى : { وَلَوْ أَنَّنَا نزلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ } [ الأنعام : 111 ]


[14423]:- رواه عبد الرزاق في تفسيره (15/202) عن معمر عن قتادة به مرسلا.
[14424]:- في ت : "تتبيت".
[14425]:- في ت ، أ : "صلوات الله وسلامه عليه موجود".

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (95)

كان تفريع { فلا تكونن من الممترين } تعريضاً أيضاً بالمشركين بأنهم بحيث يُحذر الكون منهم .

والامتراء : الشك فيما لا شبهة للشك فيه . فهو أخص من الشك .

وكذلك عطف { ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله } وهو أصرح في التعريض بهم { فتكون من الخاسرين } . وهذا يقتضي أنهم خاسرون . ونظيره { لئن أشركت ليحبطنّ عملُك ولتكوننّ من الخاسرين } [ الزمر : 65 ] ، وحاصل المعنى : فإن كنتم شاكين في صدق ما أنزلنا على محمد مما أصاب المكذبين قبلَكم فاسألوا أهل الكتاب يخبروكم بأن ذلك صدق ، لقد جاءكم الحق من رب محمد صلى الله عليه وسلم فلا تكونوا شاكّين ولا تكذبوا بآيات الله فتكونوا خاسرين .