والمراد بفرعون هنا : هو وقومه . والمراد بالأوتاد : الجنود والعساكر الذين يشدون ملكه ويقوونه ، كما تشد الخيام وتقوى بالأوتاد .
قال الآلوسى : وصف فرعون بذلك لكثرة جنوده وخيامهم ، التى يضربون أوتادها فى منازلهم ، أو لأنه كان يدق لمن يريد تعذيبه أربعة أوتاد ، ويشده بها . .
وقال بعض العلماء : ووصف فرعون بذى الأوتاد ، لأن مملكته كانت تحتوى على الأهرامات ، التى بناها أسلافه ، لأن صورة الهرم على الأرض تشبه الوتد المدقوق ، ويجوز أن يكون المراد بالأوتاد : التمكن والثبات على سبيل الاستعارة ، أى : ذى القوة . .
وقال صاحب الظلال : { وَثَمُودَ الذين جَابُواْ الصخر بالواد وَفِرْعَوْنَ ذِى الأوتاد } وهى على الأرجح الأهرامات ، التى تشبه الأوتاد الثابتة فى الأرض المتينة البنيان ، وفرعون المشار إليه هنا ، فرعون الطاغية الجبار ، الذى أرسل الله - تعالى - إليه موسى - عليه السلام - . .
والمعنى : لقد علمت - أيها الرسول الكريم - وعلم معك كل من هو أهل للخطاب ، ما فعله ربك بقبيلة عاد ، التى جدها إرم بن سام بن نوح ، والتى كانت صاحبة أعمدة عظيمة ترفع عليها بيوتها ، والتى لم يخلق فى بلادها مثلها فى القوة والغنى
وعلمت - أيضا - ما فعله ربك بقوم ثمود ، الذين قطعوا صخر الجبال ، واتخذوا منها والعساكر الذين يشدون ملكه .
وقوله : { وَفِرْعَوْنَ ذِي الأوْتَادِ } قال العوفي ، عن ابن عباس : الأوتاد : الجنود الذين يشدون له أمره . ويقال : كان فرعون يوتد أيديهم وأرجلهم في أوتاد من حَديد يعلقهم بها . وكذا قال مجاهد : كان يوتد الناس بالأوتاد . وهكذا قال سعيد بن جبير ، والحسن ، والسدي . قال السدي : كان يربط الرجل ، كل قائمة من قوائمه في وتد ثم يرسل عليه صخرة عظيمة فتشدخه{[30050]} .
وقال قتادة : بلغنا أنه كانت له مَظالٌّ وملاعب ، يلعب له تحتها ، من أوتاد وحبال .
وقال ثابت البناني ، عن أبي رافع : قيل لفرعون { ذِي الأوْتَادِ } ؛ لأنه ضرب لامرأته أربعة أوتاد ، ثم جعل على ظهرها رحى عظيمة حتى ماتت .
{ وفرعون } هو فرعون موسى ، واختلف الناس في أوتاده فقيل أبنيته العالية العظيمة ، قاله محمد بن كعب ، وقيل جنوده الذين بهم يثبت ملكه وقيل المراد أوتاد أخبية عساكره وذكرت لكثرتها ودلالتها على غزواته وطوفه في البلاد ، قاله ابن عباس ومنه قول الأسود بن يعفر :
في ظل ملك ثابت الأوتاد . {[11794]} . . وقال قتادة : كان له أوتاد يلعب عليها الرجال بين يديه وهو مشرف عليهم ، وقال مجاهد : كان يوتد الناس بأوتاد الحديد يقتلهم بذلك يضربها في أبدانهم حتى تنفذ إلى الأرض ، وقيل إنما فعل ذلك بزوجته آسية ، وقيل إنما فعل بماشطة ابنته لأنها كانت آمنت بموسى .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
ألم تر كيف فعل ربك أيضا بفرعون صاحب الأوتاد . ... واختلف أهل التأويل في معنى قوله : "ذِي الأوْتادِ" ولم قيل له ذلك ؟
فقال بعضهم : معنى ذلك : ذي الجنود الذي يقوّون له أمره ، وقالوا : الأوتاد في هذا الموضع : الجنود ....
وقال آخرون : بل قيل له ذلك لأنه كان يُوتِد الناس بالأوتاد ....
وقال آخرون : كانت مظال وملاعب يلعب له تحتها ....
وقال آخرون : بل ذلك لأنه كان يعذّب الناس بالأوتاد ....
وقال آخرون : إنما قيل ذلك لأنه كان له بنيان يعذّب الناس عليه . ...
وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب ، قول من قال : عُنِي بذلك : الأوتاد التي تُوتَد ، من خشب كانت أو حديد ، لأن ذلك هو المعروف من معاني الأوتاد ، ووصف بذلك ، لأنه إما أن يكون كان يعذّب الناس بها ، كما قال أبو رافع وسعيد بن جُبير ، وإما أن يكون كان يُلْعب له بها . ...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{ وفرعون } أي وفعل بفرعون { ذي الأوتاد } أي الذي ثبّت ملكه تثبيت من يظن أنه لا يزول بالعساكر والجنود وغيرهم من كل ما يظن أنه يشد أمره من الجنات والعيون والزروع والمقامات الكريمة ، فصارت له اليد المبسوطة في الملك . ...
تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :
أي وفرعون ذي المباني العظيمة التي شادها هو ومن قبله من فراعنة مصر في قديم الأزمان كالأهرام وغيرها . وما أجمل التعبير عما تركه المصريون من الأبنية الباقية بالأوتاد ، فإن شكل هياكلهم العظيم شكل الأوتاد المقلوبة ، إذ يبتدئ البناء عريضا وينتهي بأدق مما بدأ . ...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
والمراد ب { فرعون } هو وقومه .
ووصف { ذي الأوتاد } لأن مملكته كانت تحتوي على الأهرام التي بناها أسلافه لأن صورة الهرم على الأرض تشبه الوتد المدقوق ، ويجوز أن يكون الأوتاد مستعاراً للتمكن والثبات ، أي ذي القوة
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.