التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لَحَقُّ ٱلۡيَقِينِ} (51)

وقوله : { وَإِنَّهُ لَحَقُّ اليقين } معطوف على ما قبله ، أى : وإن هذا القرآن لهو الحق الثابت الذى لا شك فى كونه من عند الله - تعالى - وأن محمدا صلى الله عليه وسلم قد بلغه إلى الناس دون أن يزيد فيه حرفا ، أو ينقص منه حرفا .

وإضافة الحق إلى اليقين ، من إضافة الصفة إلى الموصوف . أى : لهو اليقين الحق ، أو هو من إضافة الشئ إلى نفسه مع اختلاف اللفظين ، كما فى قوله : ( حَبْلِ الوريد ) ، إذ الحبل هو الوريد .

والمقصود من مثل هذا التركيب : التأكيد .

وقد قالوا : إن مراتب العلم ثلاثة : أعلاها : حق اليقين ، ويليها : عين اليقين ، ويليها : علم اليقين .

فحق اليقين : كعلم الإِنسان بالموت عند نزوله به ، وبلوغ الروح الحلقوم ، وعين اليقين : كعلمه به عند حلول أماراته وعلاماته الدالة على قربه . . وعلم اليقين : كعلمه بأن الموت سينزل به لا محالة مهما طال الأجل . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لَحَقُّ ٱلۡيَقِينِ} (51)

أي : الخبر الصدق الحق الذي لا مرية فيه ولا شك ولا ريب .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لَحَقُّ ٱلۡيَقِينِ} (51)

وَإنّهُ لَحَقّ اليّقِينِ يقول : وإنه للحقّ اليقين الذين لا شكّ فيه أنه من عند الله ، لم يتقوّله محمد صلى الله عليه وسلم فَسَبّحْ باسْمِ رَبّكَ العَظِيمِ بذكر ربك وتسميته العظيم ، الذي كلّ شيء في عظمته صغير .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لَحَقُّ ٱلۡيَقِينِ} (51)

وقوله تعالى : { لحق اليقين } ذهب الكوفيون إلى أنها إضافة الشيء إلى نفسه كدار الآخرة ومسجد الجامع . وذهب البصريون والحذاق إلى أن الحق مضاف إلى الأبلغ من وجوهه ، وقال المبرد : إنما هو كقولك عين اليقين ومحض اليقين .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لَحَقُّ ٱلۡيَقِينِ} (51)

عطف على { وإنه لحسرة على الكافرين } [ الحاقة : 50 ] فيحتمل أن يكون الضمير عائداً على القرآن لأن هذه من صفات القرآن ، ويحتمل أن يكون مراداً به المذكور وهو كون القرآن حسرة على الكافرين ، أي إن ذلك حق لا محالة أي هو جالب لحسرتهم في الدنيا والآخرة .

وإضافة حق إلى يقين يجوز أن يكون من إضافة الموصوف إلى الصفة ، أي إِنه لليقينُ الحق الموصوف بأنه يقين لا يَشك في كونه حقاً إلاّ من غشي على بصيرته وهذا أولى من جعل الإِضافة من إضافة الصفة إلى الموصوف ، أي لليقين الحق ، أي الذي لا تعتريه شبهة .

واعلم أن حق اليقين ، وعين اليقين ، وعلم اليقين ، وقعت في القرآن .

فحق اليقين وقع في هذه السورة وفي آخر سورة الواقعة ، وعلم اليقين وعين اليقين وقعا في سورة التكاثر ، وهذه الثلاثة إضافتها من إضافة الصفة إلى الموصوف أو من إضافة الموصوف إلى الصفة كما ذكرنا . ومعنى كل مركب منها هو محصل ما تدل عليه كلمتاه وإضافةُ إحداهما إلى الأخرى .

وقد اصطلح العلماء على جعل كلمة ( عِلم اليقين ) اسما اصطلاحياً لما أعطاه الدليل بتصوّر الأمور على ما هي عليه حسب كلام السيد الجرجاني في كتاب « التعريفات » ، ووقع في كلام أبي البقاء في « الكليات » ما يدل على أن بعض هذه المركبات نقلت في بعض الاصطلاحات العلمية فصارت ألقاباً لمعان ، وقال : علم اليقين لأصحاب البرهان ، وعين اليقين وحق اليقين أيضاً لأصحاب الكشف والعيان كالأنبياء والأولياء على حسب تفاوتهم في المراتب ، قال : وقد حقق المحققون من الحكماء بأن بعد المراتب الأربع للنفس ( يعني مراتب تحصيل العلم للنفس المذكورةَ في المنطق الأوليات ، والمشاهدات الباطنية ، والتجريبات ، والمتواترات ) مرتبتين : إحداهما مرتبة عين اليقين وهي أن تصير النفس بحيث تشاهد المعقولات في المعارف التي تفيضها النفس كما هي ، والثانية مرتبة حق اليقين وهي أن تصير النفس بحيث تتصل بالمعقولات اتصالاً عقلياً وتلاقي ذاتها تلاقياً روحانياً . واصطلح علماء التصوف على جعل كل مركب من هذه الثلاثة لقباً لمعنى من الانكشاف العقلي وجرت في كتاب « الفتوحات المكية » للشيخ محيي الدين بن عربي .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لَحَقُّ ٱلۡيَقِينِ} (51)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{وإنه} وإن هذا القرآن {لحق اليقين} أنه من الله تعالى.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"وَإنّهُ لَحَقّ اليّقِينِ" يقول: وإنه للحقّ اليقين الذين لا شكّ فيه أنه من عند الله، لم يتقوّله محمد صلى الله عليه وسلم.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{وإنه لحق اليقين} والأصل أن الحق اسم لما يحمد عليه، فحقه أن تنظر في ما تستعمل هذه اللفظة فتصرفها على أحد الوجوه: فإذا استعملت في الأخبار أريد بها الصدق نحو أن يقال: هذا خبر حق أي صدق. وإذا استعملت في الحكم أريد بها العدل. وإذا استعملت في الأقوال والأفعال أريد بها الإضافة. فقوله تعالى: {وإنه لحق اليقين} أي صدق، ويقين أنه من رب العالمين.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما كان كل من الفريقين يذوق جزاءه في الآخرة، ه وكان كل أحد سمع القرآن ذاق أنه لا يقدر على الإتيان بشيء يماثله ولا يدانيه، قال مؤكداً تنزيلاً لهم في عداد الجاهلين: {وإنه} أي القرآن أو الجزاء في يوم الجزاء {لحق اليقين} أي الأمر الثابت الذي يذاق فيصير لا يقبل الشك فهو يقين مؤكد بالحق. من إضافة الصفة إلى الموصوف، و هو فوق علم اليقين، وفي ذلك إشارة إلى أن العبد ينبغي له أن يتحقق لذلك معرفة الحق فيكون مشاهداً للغيوب كمشاهدة المرئيات لما يشاهد من أمثالها، فأمر البعث يشاهد كل يوم في الليل والنهار وفي العام في النبات وغير ذلك.

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

{وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ} أي: أعلى مراتب العلم، فإن أعلى مراتب العلم اليقين وهو العلم الثابت، الذي لا يتزلزل ولا يزول. واليقين مراتبه ثلاثة، كل واحدة أعلى مما قبلها: أولها: علم اليقين، وهو العلم المستفاد من الخبر. ثم عين اليقين، وهو العلم المدرك بحاسة البصر. ثم حق اليقين، وهو العلم المدرك بحاسة الذوق والمباشرة. وهذا القرآن الكريم، بهذا الوصف، فإن ما فيه من العلوم المؤيدة بالبراهين القطعية، وما فيه من الحقائق والمعارف الإيمانية، يحصل به لمن ذاقه حق اليقين.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

ولكي لا يتصور أحد أنّ التكذيب والتشكيك كان بلحاظ غموض وإبهام مفاهيم القرآن الكريم، فيضيف في الآية اللاحقة: (وإنّه لحقّ اليقين). التعبير ب (حقّ اليقين) في اعتقاد بعض المفسّرين هو في قبيل (إضافة شيء إلى نفسه) لأنّ (الحقّ) هو (اليقين) نفسه و (اليقين) هو (عين الحقّ) وذاته، وذلك كما يقال: (المسجد الجامع) أو (يوم الخميس)، ويقال له باصطلاح النحاة (إضافة بيانية) إلاّ أنّ الأفضل أن يقال في مثل هذه الإضافة: إضافة (الموصوف إلى الصفة). يعني أنّ القرآن الكريم هو (يقين خالص) أو بتعبير آخر أنّ لليقين مراحل مختلفة، حيث يحصل أحياناً بالدليل العقلي كما في حصول اليقين بوجود النار من خلال مشاهدة دخّان من بعيد، لذا يقال لمثل هذا الأمر (علم اليقين). وحينما نقترب أكثر ونرى اشتعال النار بأم أعيننا، فعند ذلك يصبح اليقين أقوى ويسمّى عندئذ ب (عين اليقين). وعندما يكون اقترابنا أكثر فأكثر ونصبح في محاذاة النار أو في داخلها ونلمس حرارتها بأيدينا، فإنّ من المسلّم أنّ هذه أعلى مرحلة من مراحل اليقين، وتسمّى ب (حقّ اليقين). والآية أعلاه تقول: إنّ القرآن الكريم في مثل هذه المرحلة من اليقين، ومع هذا فإنّ عديمي البصيرة ينكرونه ويشكّكون فيه.