الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{وَإِنَّهُۥ لَحَقُّ ٱلۡيَقِينِ} (51)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{وإنه} وإن هذا القرآن {لحق اليقين} أنه من الله تعالى.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"وَإنّهُ لَحَقّ اليّقِينِ" يقول: وإنه للحقّ اليقين الذين لا شكّ فيه أنه من عند الله، لم يتقوّله محمد صلى الله عليه وسلم.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{وإنه لحق اليقين} والأصل أن الحق اسم لما يحمد عليه، فحقه أن تنظر في ما تستعمل هذه اللفظة فتصرفها على أحد الوجوه: فإذا استعملت في الأخبار أريد بها الصدق نحو أن يقال: هذا خبر حق أي صدق. وإذا استعملت في الحكم أريد بها العدل. وإذا استعملت في الأقوال والأفعال أريد بها الإضافة. فقوله تعالى: {وإنه لحق اليقين} أي صدق، ويقين أنه من رب العالمين.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما كان كل من الفريقين يذوق جزاءه في الآخرة، ه وكان كل أحد سمع القرآن ذاق أنه لا يقدر على الإتيان بشيء يماثله ولا يدانيه، قال مؤكداً تنزيلاً لهم في عداد الجاهلين: {وإنه} أي القرآن أو الجزاء في يوم الجزاء {لحق اليقين} أي الأمر الثابت الذي يذاق فيصير لا يقبل الشك فهو يقين مؤكد بالحق. من إضافة الصفة إلى الموصوف، و هو فوق علم اليقين، وفي ذلك إشارة إلى أن العبد ينبغي له أن يتحقق لذلك معرفة الحق فيكون مشاهداً للغيوب كمشاهدة المرئيات لما يشاهد من أمثالها، فأمر البعث يشاهد كل يوم في الليل والنهار وفي العام في النبات وغير ذلك.

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

{وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ} أي: أعلى مراتب العلم، فإن أعلى مراتب العلم اليقين وهو العلم الثابت، الذي لا يتزلزل ولا يزول. واليقين مراتبه ثلاثة، كل واحدة أعلى مما قبلها: أولها: علم اليقين، وهو العلم المستفاد من الخبر. ثم عين اليقين، وهو العلم المدرك بحاسة البصر. ثم حق اليقين، وهو العلم المدرك بحاسة الذوق والمباشرة. وهذا القرآن الكريم، بهذا الوصف، فإن ما فيه من العلوم المؤيدة بالبراهين القطعية، وما فيه من الحقائق والمعارف الإيمانية، يحصل به لمن ذاقه حق اليقين.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

ولكي لا يتصور أحد أنّ التكذيب والتشكيك كان بلحاظ غموض وإبهام مفاهيم القرآن الكريم، فيضيف في الآية اللاحقة: (وإنّه لحقّ اليقين). التعبير ب (حقّ اليقين) في اعتقاد بعض المفسّرين هو في قبيل (إضافة شيء إلى نفسه) لأنّ (الحقّ) هو (اليقين) نفسه و (اليقين) هو (عين الحقّ) وذاته، وذلك كما يقال: (المسجد الجامع) أو (يوم الخميس)، ويقال له باصطلاح النحاة (إضافة بيانية) إلاّ أنّ الأفضل أن يقال في مثل هذه الإضافة: إضافة (الموصوف إلى الصفة). يعني أنّ القرآن الكريم هو (يقين خالص) أو بتعبير آخر أنّ لليقين مراحل مختلفة، حيث يحصل أحياناً بالدليل العقلي كما في حصول اليقين بوجود النار من خلال مشاهدة دخّان من بعيد، لذا يقال لمثل هذا الأمر (علم اليقين). وحينما نقترب أكثر ونرى اشتعال النار بأم أعيننا، فعند ذلك يصبح اليقين أقوى ويسمّى عندئذ ب (عين اليقين). وعندما يكون اقترابنا أكثر فأكثر ونصبح في محاذاة النار أو في داخلها ونلمس حرارتها بأيدينا، فإنّ من المسلّم أنّ هذه أعلى مرحلة من مراحل اليقين، وتسمّى ب (حقّ اليقين). والآية أعلاه تقول: إنّ القرآن الكريم في مثل هذه المرحلة من اليقين، ومع هذا فإنّ عديمي البصيرة ينكرونه ويشكّكون فيه.