التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَعِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلۡغَيۡبِ فَهُوَ يَرَىٰٓ} (35)

{ أَعِندَهُ عِلْمُ الغيب فَهُوَ يرى } أى : أعند هذا الإنسان الذى أعرض عن الرشد ، علم الغيوب المستترة عن الأعين والنفوس ، فهو وحده يراها ، ويطلع عليها ويعلم أن فى إمكان الغير أن يحمل عنه أوزاره وذنوبه يوم القيامة .

كلا ، إنه لا علم عنده بشىء من ذلك ، وإنما هو قد ارتد على أعقابه ، لانطماس بصيرته . بعد أن قارب الرشد والصواب .

فالاستفهام فى قوله : { أَعِندَهُ عِلْمُ الغيب . . . } للنفى والإنكار .

وقدم - سبحانه - الظرف " عنده " وهو مسند ، على " علم الغيب " وهو مسند إليه ، فإفادة الاهتمام بهذه العندية التى من أعجب العجب ادعاؤها ، وللإشعار بأنه بعيد عنها بعد الأرض عن السماء .

والفاء فى قوله : { فَهُوَ يرى } للسببية ، ومفعول { يرى } محذوف .

أى : فهو بسبب معرفته للعوالم الغيبية ، يبصر رفع العذاب عنه ، ويعلم أن غيره سيتكفل بافتدائه من هذا العذاب .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{أَعِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلۡغَيۡبِ فَهُوَ يَرَىٰٓ} (35)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{أعنده علم الغيب} بأن الله لا يبعثه {فهو يرى} الإقامة على الكفر.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"أعِنْدَهُ عِلْمُ الغَيْبِ فَهوَ يَرَى "يقول تعالى ذكره: أعند هذا الذي ضمن له صاحبه أن يتحمل عنه عذاب الله في الآخرة علم الغيب، فهو يرى حقيقة قوله، ووفائه بما وعده.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{أعنده علم الغيب فهو يرى} فهو، والله أعلم {أعنده علم الغيب} فيأمر بتكذيب محمد صلى الله عليه وسلم ويأذن له بالتولّي عنه وإعطاء المال على التكذيب له؟ أي: ليس عنده علم الغيب لأنهم قوم لا يؤمنون بالرسل والكتب وأسباب العلم...

تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :

أكان عند من (تحمل) الذنوب عن الوليد علم الغيب فهو يعلم أنه يتحملها عنه يوم القيامة؟...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{أعنده علم الغيب فهو يرى} قد علم تفسيره جملة أن المراد جهل المتولي وحاجته وبيان قبح التولي مع الحاجة إلى الإقبال وعلم الغيب، أي العلم بالغيب، فقال تعالى: هل علم الغيب بحيث رآه فلا يكون علمه علما نظريا بل علما بصريا فعصى فتولى وقوله تعالى: {فهو يرى} يحتمل أن يكون مفعول {يرى} هو احتمال الواحد وزر الآخر كأنه قال فهو يرى أن وزره محمول ألم يسمع أن وزره غير محمول فهو عالم بالحمل وغافل عن عدم الحمل ليكون معذورا، ويحتمل أن لا يكون له مفعول تقديره فهو يرى رأي نظر غير محتاج إلى هاد ونذير...

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

أي: أعند هذا الذي قد أمسك يده خشية الإنفاق، وقطع معروفه، أعنده علم الغيب أنه سينفد ما في يده، حتى قد أمسك عن معروفه، فهو يرى ذلك عيانا؟! أي: ليس الأمر كذلك، وإنما أمسك عن الصدقة والمعروف والبر والصلة بخلا وشحا وهلعا؛ ولهذا جاء في الحديث: "أنفق بلالا ولا تَخْشَ من ذي العرش إقلالا"، وقد قال الله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: 39].

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{أعنده} أي خاصة {علم الغيب} أي كله بحيث لا يشاركه فيه مشارك يمكن أن يخفى عليه شيء منه {فهو} أي فيتسبب عن ذلك أنه {يرى} أي الرؤية الكاملة فيعلم جميع ما ينفعه فيرتكبه وجميع ما يضره فيجتنبه ويعلم أن هذا القليل الذي أعطاه قد قبل وأمن به من العطب فاكتفى به...

فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني 1250 هـ :

الاستفهام للتقريع والتوبيخ، والمعنى: أعند هذا المكدي علم ما غاب عنه من أمر العذاب، فهو يعلم ذلك...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

والغيب لله. لا يراه أحد سواه. فلا يأمن الإنسان ما خبئ فيه؛ وعليه أن يواصل عمله وبذله، وأن يعيش حذرا موفيا طوال حياته؛ وألا يبذل ثم ينقطع، ولا ضمان له في الغيب المجهول إلا حذره وعمله ووفاؤه، ورجاؤه بهذا كله في مغفرة الله وقبوله...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والجملة استئناف بياني للاستفهام التعجيبي من قوله {أفرأيت الذي تولى} الخ وتقديم {عنده} وهو مسند على {علم الغيب} وهو مسند إليه للاهتمام بهذه العندية العجيب ادعاؤها والإشارة إلى بعده عن هذه المنزلةوفرع على هذا التعجيب قوله {فهو يرى} أي فهو يشاهد أمور الغيب بحيث عاقد على التعارض في حقوقها. والرؤية في قوله {فهو يرى} بصرية ومفعولها محذوف والتقدير: فهو يرى الغيب والمعنى: أنه آمن نفسه من تبعة التولي عن الإسلام ببذل شيء لمن تحمل عنه تبعة توليه كأنه يعلم الغيب ويشاهد أن ذلك يدفع عنه العقاب فقد كان فعله ضغثا على إبالة لأنه ظن أن التولي جريمة وما بذل المال إلا لأنه توهم أن الجرائم تقبل الحمالة في الآخرة وتقديم الضمير المسند إليه على فعله المسند دون أن يقول: فيرى لإفادة تقوي الحكم نحو: هو يعطي الجزيل. وهذا التقوي بناء على ما أظهر من اليقين بالصفقة التي عاقد عليها وهو أدخل في التعجيب من حاله