التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَصَبَّ عَلَيۡهِمۡ رَبُّكَ سَوۡطَ عَذَابٍ} (13)

{ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ } أى : فكانت نتيجة طغيانهم وفسادهم ، أن أنزل ربك عليهم ، نوعا عظيما من العذاب المهين .

والسوط : آلة تتخذ من الجلود القوية ، يضرب بها الجانى ، وإضافتها إلى العذاب ، من إضافة الصفة إلى الموصوف . أى : فصب عليهم ربك عذابا . " سوطا " أى : كالسوط فى سرعته ، وشدته وتتابعه ، فهو تشبيه بليغ .

وعبر - سبحانه - على إنزال العذاب بهم بالصب - وهو الإِفراغ لما فى الظرف بقوة - للإِيذان بكثرته وتتابعه .

وسميت أنواع العذاب النازلة بهم سوطا تسمية للشئ باسم آلته .

قال صاحب الكشاف : وذكر السوط . إشارة إلى أن ما أحله بهم فى الدنيا من العذاب العظيم بالقياس إلى ما أعد لهم فى الآخرة ، كالسوط إذا قيس إلى سائر ما يعذب به .

وعن عمر بن عبيد : كان الحسن إذا أتى على هذه الآية قال : إن عند الله أسواطا كثيرة ، فأخذهم بسوط منها . .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَصَبَّ عَلَيۡهِمۡ رَبُّكَ سَوۡطَ عَذَابٍ} (13)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

يعني نقمته وكانت نقمته عذابا...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره : فأكثروا في البلاد المعاصي ، وركوب ما حرّم الله عليهم "فَصَبّ عَلَيْهِمْ رَبّكَ سَوْطَ عَذَابٍ" يقول تعالى ذكره : فأنزل بهم يا محمد ربك عذابَه ، وأحلّ بهم نقمتَه ، بما أفسدوا في البلاد ، وطغَوْا على الله فيها . وقيل : فصَبّ عليهم ربهم سَوط عذاب . وإنما كانت نِقَما تنزل بهم ، إما ريحا تُدَمرهم ، وإما رَجفا يُدَمدم عليهم ، وإما غَرَقا يُهلكهم ، من غير ضرب بسوط ولا عصا ، لأنه كان من أليم عذاب القوم الذين خوطبوا بهذا القرآن الجلد بالسياط ، فكثر استعمال القوم الخبر عن شدّة العذاب الذي يعذّب به الرجل منهم ، أن يقولوا : ضُرب فلان حتى بالسّياط ، إلى أن صار ذلك مثلاً ، فاستعملوه في كلّ معذّب بنوع من العذاب شديد ، وقالوا : صَبّ عليه سَوط عذاب .

الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :

وقال أهل المعاني : هذا على الاستعارة ؛ لأنّ السوط عندهم غاية العذاب ، فجرى ذلك لكلّ عذاب .

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

وذكر السوط : إشارة إلى أن ما أحله بهم في الدنيا من العذاب العظيم بالقياس إلى ما أعدّ لهم في الآخرة ، كالسوط إذا قيس إلى سائر ما يعذب به ....

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

والصب يستعمل في السوط لأنه يقتضي سرعة في النزول .....وإنما خص ( السوط ) بأن يستعار للعذاب، لأنه يقتضي من التكرار والترداد ما لا يقتضيه السيف ولا غيره ...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وهو تعبير يوحي بلذع العذاب حين يذكر السوط ، وبفيضه وغمره حين يذكر الصب ....

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والصب حقيقته : إفراغ ما في الظرف ، وهو هنا مستعار لحلول العذاب دَفعة وإحاطته بهم كما يصب الماء على المغتَسِل أو يصب المطر على الأرض ، فوجه الشبه مركب من السرعة والكثرة ونظيره استعارةُ الإِفراغ في قوله تعالى : { ربنا أفرغ علينا صبراً } [ البقرة : 250 ] ونظير الصب قولهم : شن عليهم الغارةَ . وكان العذاب الذي أصاب هؤلاء عذاباً مفاجئاً قاضياً . فأما عاد فرأوا عارض الريح فحسبوه عارض مطر فما لبثوا حتى أطارتهم الريح كل مطير . وأما ثمود فقد أخذتهم الصيحة . وأما فرعون فحسبوا البحر منحسراً فما راعهم إلا وقد أحاط بهم . والسوط : آلة ضرب تتخذ من جلود مضفورة تضرب بها الخيل للتأديب ولتحمِلَها على المزيد في الجري .....وإضافة { سوط } إلى { عذاب } من إضافة الصفة إلى الموصوف ، أي صب عليهم عذاباً سوطاً ، أي كالسوط في سرعة الإِصابة فهو تشبيه بليغ . ...