التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَتَبَارَكَ ٱلَّذِي لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا وَعِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلسَّاعَةِ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (85)

وقوله - تعالى - : { وَتَبَارَكَ الذي لَهُ مُلْكُ السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا } ثناء منه - سبحانه - على ذاته بما هو أهله .

ولفظ { تَبَارَكَ } فعل ماض ، أى تعالى الله وتعظم ، وزاد خيره وكثر إنعامه ، وهو مأخوذ من البركة - بفتح الراء - بمعنى الكثرة من كل خير . . أو من البرك - بسكون الراء - بمعنى الثبوت والدوام . . . وكل شئ ثبت ودام فقد برك .

أى : وتعالى الله وتقدس ، وثبت خيره ، وزاد إنعامه ، فهو - سبحانه - الذى له ملك السماوات والأرض ، وله ملك ما بينهما من مخلوقات أخرى لا يعلمها أحد سواه .

{ وَعِندَهُ عِلْمُ الساعة } أى : وعنده وحده لا عند غيره العلم التام بوقت قيام الساعة .

فالمصدر وهو { عِلْمُ } مضاف لمفعوله وهو { الساعة } والعالم بذلك هو الله - تعالى - .

والمراد بالساعة : يوم القيامة ، وسميت بذلك لسرعة قيامها ، كما قال - تعالى - { وَلِلَّهِ غَيْبُ السماوات والأرض وَمَآ أَمْرُ الساعة إِلاَّ كَلَمْحِ البصر أَوْ هُوَ أَقْرَبُ . . . } { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } أى : وإليه وحده مرجعكم للحساب أو الجزاء ، وليس إلى أحد سواه - عز وجل - .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَتَبَارَكَ ٱلَّذِي لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا وَعِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلسَّاعَةِ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (85)

57

ثم تمجيد لله وتعظيم في لفظ( تبارك )أي تعاظم الله وتسامى عما يزعمون ويتصورون . وهو ( رب السماوات والأرض وما بينهما ) . وهو الذي يعلم وحده علم الساعة وإليه المرجع والمآب .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَتَبَارَكَ ٱلَّذِي لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا وَعِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلسَّاعَةِ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (85)

{ وتبارك الذي له ملك السموات والأرض وما بينهما } كالهواء . { وعنده علم الساعة } العلم بالساعة التي تقوم القيامة فيها . { وإليه ترجعون } للجزاء ، وقرأ نافع وابن عامر وأبو عمرو وعاصم وروح بالتاء على الالتفات للتهديد .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَتَبَارَكَ ٱلَّذِي لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا وَعِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلسَّاعَةِ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (85)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

ثم عظم نفسه عن شركهم، فقال: {وتبارك الذي له ملك السماوات والأرض وما بينهما وعنده علم الساعة} يعني القيامة.

{وإليه ترجعون}، يعني تردون في الآخرة، فيجازيكم بأعمالكم...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره، وتبارك الذي له سلطان السموات السبع والأرض، وما بينهما من الأشياء كلها، جارٍ على جميع ذلك حكمه، ماضٍ فيهم قضاؤه. يقول: فكيف يكون له شريكا من كان في سلطانه وحكمه فيه نافد.

"وَعِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ" يقول: وعنده علم الساعة التي تقوم فيها القيامة، ويُحشر فيها الخلق من قبورهم لموقف الحساب.

قوله: "وَإلَيْهِ تُرْجَعُونَ" يقول: وإليه أيها الناس تردّون من بعد مماتكم، فتصيرون إليه، فيجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{وتبارك} قال أهل التأويل: أي تعالى وتعاظم عمّا قالت المُلحِدة فيه من الشريك والولد والصاحبة وغير ذلك مما لا يليق به ولا يجوز، فيكون تنزيها عن جميع ما قالوا فيه...

{وتبارك الذي له ملك السماوات والأرض وما بينهما} بيان منه وتعليم للخلق ما تجوز النسبة إليه، فقال: {له ملك السماوات والأرض} [البقرة: 107] وقال: {له ما في السماوات والأرض} [البقرة: 116] ونحو ذلك، يبيّن لهم أن انسُبوا إليه هذا، ولا تنسبوا إليه من الولد والشريك والصاحبة ونحو ذلك لأن نسبة الأشياء بكلّيّتها تُخرّج مُخرج الوصف له بالعظمة والجلال نحو ما ذكرنا من قوله تعالى: {له ملك السماوات والأرض}.

ونسبة خاصية الأشياء إليه تُخرّج مُخرج التعظيم والتبجيل لتلك الأشياء...

{وإليه ترجعون} يخرّج على وجوه:

أحدها: لأن المقصود من إنشائهم ذلك أعني البعث؛ كي لا يكون خلقُهم عبثا على ما ذكرنا غير مرة.

والثاني: يحتمل أنه خصّ ذلك اليوم بالرجوع إليه والمصير والخروج؛ لأنه يومئذ يخلُص خروجهم ورجوعهم إليه وانقيادهم له.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

"وتبارك" وهو مأخوذ من البرك وهو الثبوت، ومعناه جل الثابت الذي لم يزل ولا يزال.

"الذي له ملك السموات والأرض" أي الذى له التصرف فيهما بلا دافع ولا منازع.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

{وتبارك} تفاعل من البركة، أي تزيدت بركاته.

{السماوات والأرض وما بينهما} حصر لجميع الموجودات المحسوسات.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{وعنده علم الساعة} فالمقصود منه أنه لما شرح كمال قدرته فكذلك شرح كمال علمه، والمقصود التنبيه على أن من كان كاملا في الذات والعلم والقدرة على الحد الذي شرحناه امتنع أن يكون ولده في العجز وعدم الوقوف على أحوال العالم بالحد الذي وصفه النصارى...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما نزه ذاته الأقدس وأثبت لنفسه استحقاق الإلهية بالإجماع من خلقه بما ركزه في فطرهم وهداهم إليه بعقولهم، أتبع ذلك أدلة أخرى بإثبات كل كمال بما تسعه العقول وبما لا تسعه مصرحاً بالملك فقال: {وتبارك} أي ثبت ثباتاً لا يشبهه ثبات لأنه لا زوال مع التيمن والبركة وكل كمال، فلا تشبيه له حتى يدعي أنه ولد له أو شريك، ثم وصفه بما يبين تباركه واختصاصه بالإلهية فقال: {الذي له ملك السماوات} أي كلها {والأرض} كذلك {وما بينهما} وبين كل اثنين منها، والدليل على هذا الإجماع القائم على توحيده عند الاضطرار.

ولما ثبت اختصاصه بالملك وكان الملك لا يكون إلا عالماً بملكه وكان ربما ادعى مدع وتكذب معاند في الملك أو العلم، قطع الأطماع بقوله: {وعنده} أي وحده {علم الساعة} سائقاً له مساق ما هو معلوم الكون، لا مجال للخلاف فيه إشارة إلى ما عليها من الأدلة القطعية المركوزة في الفطرة الأولى فكيف يما يؤدي إليه الفكر من الذكر المنبه عليه السمع؛ ولأن من ثبت اختصاصه بالملك وجب قبول أخباره لذاته وخوفاً من سطواته، ورجاء في بركاته.

{وإليه} أي وحده لا إلى غيره بعد قيام الساعة.

{ترجعون} بأيسر أمر تحقيقاً لملكه وقطعاً للنزاع في وحدانيته، وقراءة الجماعة وهم من عدا ابن كثير وحمزة والكسائي وورش عن يعقوب بالخطاب أشد تهديداً من قراءة الباقين بالغيب، وأدل على تناهي الغضب على من لا يقبل إليه بالمتاب بعد رفع كل ما يمكن أن يتسبب عنه ارتياب.

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

{وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ}... ومن تمام ملكه وسعته، أنه مالك الدنيا والآخرة، ولهذا قال: {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} أي: في الآخرة فيحكم بينكم بحكمه العدل، ومن تمام ملكه، أنه لا يملك أحد من خلقه من الأمر شيئا، ولا يقدم على الشفاعة عنده أحد إلا بإذنه...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

صيغة {تبارك} تدل على أن البركة ذاتية لله تعالى فيقتضي استغناءه عن الزيادة باتخَاذِ الولد واتخاذِ الشريك...

{وعنده علم الساعة وإليه ترجعون} للدلالة على أن له مع ملك العوالم الفانية مُلك العوالم الباقية، وأنه المتصرف في تلك العوالم بما فيها بالتنعيم والتعذيب، فكان قوله: {وعنده علم الساعة} توطئة لقوله: {وإليه ترجعون} وإدماجاً لإثبات البعث...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

ملاحظات

ـ لقد تكررت (السماوات والأرض) في هذه الآيات ثلاث مرات: مرّة لبيان كون الله ربّاً ومدبراً لهما، وأُخرى في كونه إلهاً فيهما، وثالثة في كونه مالكاً وحاكماً، وهذه الأُمور الثلاثة مترابطة ببعضها، وهي في الحقيقة علة ومعلول لبعضها البعض، فهو مالك، ولذلك فهو ربّ، وهو في النتيجة إله. ووصفه بالحكيم والعليم إكمال لهذه المعاني.