اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَتَبَارَكَ ٱلَّذِي لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا وَعِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلسَّاعَةِ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (85)

قوله : «تَبَاركَ » إما أن يكون مشتقاً من وجوب البقاء ، وإما من كثرة الخير ، وعلى التقديرين فكل واحد من الوجهين ينافي كون عيسى عليه الصلاة والسلام واجبَ البقاء والدوام ؛ لأنه حدث بعد أن لَمْ يَكُنْ ثم عند النصارى أنه قُتل ومَاتَ ومن كان كذلك لم يكن بنيه وبين الباقي الأزلي الدائم مجانسة ومشابهة فامتنع كونه ولداً له ، وإن كانَ المرادُ بالبركة كثرةَ الخيرات مثل كونه خالقاً للسموات والأرض وما بينهما فَعِيسى لم يكن خالقاً لهما مع أن اليهود عندهم أخذوه وقتلوه وصلبوه ، والذي هذا صفته كيف يكون ولداً لمن كان خالقاً للسَّمَوات والأرض وما بينهما ؟ ثم قال : { وَعِندَهُ عِلْمُ الساعة } والمقصود منه التنبيه على أن كل من كان كاملاً في الذات ، والعلم ، والقدرة على الوصف المشروح فإنه يمتنع{[50137]} أن يكون ولده في العجز وعدم القدرة عن أحوال العالم{[50138]} بالحد الذي وصفته النصارى به{[50139]} .

قوله : { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } قرأ الأَخَوانِ ، وأبنُ كثير بالياء من تحت ، والباقون بالتاء من فوق{[50140]} وهو في كلاهما مبني للمفعول . وقرئ بالخطاب مبنياً للفاعل{[50141]} .


[50137]:في ب ممتنع بلفظ الاسمية.
[50138]:كذا في النسختين وفي الرازي: وعدم الوقوف على أحوال العالم على الحد الذي وصفه...
[50139]:انظر تفسير الرازي 27/232.
[50140]:من متواتر القراءات ذكرها ابن مجاهد في السبعة 589 والبناء في الإتحاف 387، والكشاف 2/262.
[50141]:لم ينسبها صاحب البحر 8/29 ونسبها صاحب الإتحاف إلى يعقوب 387 وكذلك نسبها ابن الجزري في النشر إليه. انظر النشر 2/370 فهي إذن من المتواتر.