مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَتَبَارَكَ ٱلَّذِي لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا وَعِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلسَّاعَةِ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (85)

ثم قال : { وتبارك الذي له ملك السماوات والأرض وما بينهما وعنده علم الساعة وإليه ترجعون } واعلم أن قوله { تبارك } إما أن يكون مشتقا من الثبات والبقاء وإما أن يكون مشتقا من كثرة الخير ، وعلى التقديرين فكل واحد من هذين الوجهين ينافي كون عيسى عليه السلام ولدا لله تعالى ، لأنه إن كان المراد منه الثبات والبقاء فعيسى عليه السلام لم يكن واجب البقاء والدوام ، لأنه حدث بعد أن لم يكن ، ثم عند النصارى أنه قتل ومات ومن كان كذلك لم يكن بينه وبين الباقي الدائم الأزلي مجانسة ومشابهة ، فامتنع كونه ولدا له ، وإن كان المراد بالبركة كثرة الخيرات مثل كونه خالقا للسماوات والأرض وما بينهما فعيسى لم يكن كذلك بل كان محتاجا إلى الطعام وعند النصارى أنه كان خائفا من اليهود وبالآخرة أخذوه وقتلوه ، فالذي هذا صفته كيف يكون ولد لمن كان خالقا للسماوات والأرض وما بينهما .

وأما قوله { وعنده علم الساعة } فالمقصود منه أنه لما شرح كمال قدرته فكذلك شرح كمال علمه ، والمقصود التنبيه على أن من كان كاملا في الذات والعلم والقدرة على الحد الذي شرحناه امتنع أن يكون ولده في العجز وعدم الوقوف على أحوال العالم بالحد الذي وصفه النصارى .