{ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ } أى : فكانت نتيجة طغيانهم وفسادهم ، أن أنزل ربك عليهم ، نوعا عظيما من العذاب المهين .
والسوط : آلة تتخذ من الجلود القوية ، يضرب بها الجانى ، وإضافتها إلى العذاب ، من إضافة الصفة إلى الموصوف . أى : فصب عليهم ربك عذابا . " سوطا " أى : كالسوط فى سرعته ، وشدته وتتابعه ، فهو تشبيه بليغ .
وعبر - سبحانه - على إنزال العذاب بهم بالصب - وهو الإِفراغ لما فى الظرف بقوة - للإِيذان بكثرته وتتابعه .
وسميت أنواع العذاب النازلة بهم سوطا تسمية للشئ باسم آلته .
قال صاحب الكشاف : وذكر السوط . إشارة إلى أن ما أحله بهم فى الدنيا من العذاب العظيم بالقياس إلى ما أعد لهم فى الآخرة ، كالسوط إذا قيس إلى سائر ما يعذب به .
وعن عمر بن عبيد : كان الحسن إذا أتى على هذه الآية قال : إن عند الله أسواطا كثيرة ، فأخذهم بسوط منها . .
فلما أكثروا في الأرض الفساد ، كان العلاج هو تطهير وجه الأرض من الفساد :
" فصب عليهم ربك سوط عذاب . إن ربك لبالمرصاد " . .
فربك راصد لهم ومسجل لأعمالهم . فلما أن كثر الفساد وزاد صب عليهم سوط عذاب ، وهو تعبير يوحي بلذع العذاب حين يذكر السوط ، وبفيضه وغمره حين يذكر الصب . حيث يجتمع الألم اللاذع والغمرة الطاغية ، على الطغاة الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد .
والصب حقيقته : إفراغ ما في الظرف ، وهو هنا مستعار لحلول العذاب دَفعة وإحاطته بهم كما يصب الماء على المغتَسِل أو يصب المطر على الأرض ، فوجه الشبه مركب من السرعة والكثرة ونظيره استعارةُ الإِفراغ في قوله تعالى : { ربنا أفرغ علينا صبراً } [ البقرة : 250 ] ونظير الصب قولهم : شن عليهم الغارةَ .
وكان العذاب الذي أصاب هؤلاء عذاباً مفاجئاً قاضياً .
فأما عاد فرأوا عارض الريح فحسبوه عارض مطر فما لبثوا حتى أطارتهم الريح كل مطير .
وأما فرعون فحسبوا البحر منحسراً فما راعهم إلا وقد أحاط بهم .
والسوط : آلة ضرب تتخذ من جلود مضفورة تضرب بها الخيل للتأديب ولتحمِلَها على المزيد في الجري .
وعن الفراء أن كلمة { سوط عذاب } يقولها العرب لكل عذاب يدخل فيه السوط ( أي يقع بالسوط ) ، يُريد أن حقيقتها كذلك ولا يريد أنها في هذه الآية كذلك .
وإضافة { سوط } إلى { عذاب } من إضافة الصفة إلى الموصوف ، أي صب عليهم عذاباً سوطاً ، أي كالسوط في سرعة الإِصابة فهو تشبيه بليغ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.