التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{بَلِ ٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ خَيۡرُ ٱلنَّـٰصِرِينَ} (150)

ثم أمرهم - سبحانه - بطاعته والاعتماد عليه والاستعانة به وحده فقال { بَلِ الله مَوْلاَكُمْ وَهُوَ خَيْرُ الناصرين } .

وحرف " بل " هنا للإضراب الانتقالى ، لأنه - سبحانه - بعد أن حذر المؤمنين من إطاعة الكافرين وما يترتب عليها من مضار ، انتقل إلى توجيههم إلى ما فيه عزتهم وكرامتهم وسعادتهم .

والمولى هنا بمعنى النصير والمعين ، وهذا اللفظ لا يدل على النصرة والعون فقط ، وإنما يدل على كمال المحبة والمودة والقرب ، والنصرة تجىء ملازمة لهذه المعانى ، لأنه من كان الله محبا له ، كان - سبحانه - ناصرا له لا محالة .

والمعنى إنى أنهاكم - أيها المؤمنون - عن إطاعة الكافرين ، لأنهم ليسوا أولياء لكم فتطيعوهم ، بل الله - تعالى - هو وليكم ومعينكم وهو خير الناصرين ، لأنه هو الذى لا يعجزه شىء فى الأرض ولا فى السماء فأخلصوا له العبادة والطاعة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{بَلِ ٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ خَيۡرُ ٱلنَّـٰصِرِينَ} (150)

121

وإذا كان مبعث الميل إلى طاعة الذين كفروا هو رجاء الحماية والنصرة عندهم ، فهو وهم ، يضرب السياق صفحا عنه ، ليذكرهم بحقيقة النصرة والحماية :

( بل الله مولاكم ، وهو خير الناصرين ) .

فهذه هي الجهة التي يطلب المؤمنون عندها الولاية ، ويطلبون عندها النصرة . ومن كان الله مولاه ، فما حاجته بولاية أحد من خلقه ؟ ومن كان الله ناصره فما حاجته بنصرة أحد من العبيد ؟

/خ179

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{بَلِ ٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ خَيۡرُ ٱلنَّـٰصِرِينَ} (150)

ثم أمرهم بطاعته وموالاته ، والاستعانة به ، والتوكل عليه ، فقال : { بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ } .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{بَلِ ٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ خَيۡرُ ٱلنَّـٰصِرِينَ} (150)

و { بل } ترك للكلام الأول ودخول في غيره ، وقرأ جمهور الناس «بل اللهُ مولاكم » على الابتداء والخبر ، وهذا تثبيت ، وقرأ الحسن بن أبي الحسن «بل اللهَ » بالنصب على معنى : بل أطيعوا لله .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{بَلِ ٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ خَيۡرُ ٱلنَّـٰصِرِينَ} (150)

وقوله : { بل الله مولاكم } إضراب لإبطال ما تضمّنه ما قبله ، فعلى الوحه الأول تظهر المناسبة غاية الظهور ، لأنّ الطاعة على ذلك الوجه هي من قبيل الموالاة والحلف فناسب إبطالها بالتَّذكير بأنّ مولى المؤمنين هو الله تعالى ، ولهذا التَّذكير موقع عظيم : وهو أن نقض الولاء والحلف أمر عظيم عند العرب ، فإنّ للولاء عندهم شأناً كشأن النسب ، وهذا معنى قرّره الإسلام في خطبة حجّة الوداع أو فتح مكة « مَن انتسب إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والنَّاس أجمعين » فكيف إذا كان الولاء ولاء سيد الموالي كلّهم .

وعلى الوجه الثَّاني في معنى { إن تطيعوا الَّذين كفروا } تكون المناسبة باعتبار ما في طاعة المنافقين من موالاتهم وترك ولاء الله تعالى .

وقوله : { وهو خير الناصرين } يقوّي مناسبة الوجه الأول ويزيد إرادته ظهوراً . و { خير النَّاصرين } هو أفضل الموصوفين بالوصف ، فيما يراد منه ، وفي موقعه ، وفائدته ، فالنصر يقصد منه دفع الغلب عن المغلوب ، فمتى كان الدفع أقطع للغالب كان النصر أفضل ، ويقصد منه دفع الظلم فمتى كان النصر قاطعاً لظلم الظالم كان موقعه أفضل ، وفائدته أكمل ، فالنصر لا يخلو من مدحة لأنّ فيه ظهور الشَّجاعة وإباء الضيم والنجدة .

قال ودّاك بنُ ثمَيْل المازني :

إذا استنجدوا لمْ يسْألوا من دعاهم *** لأية حرب أم بأي مكــان

ولكنّه إذا كان تأييداً لظالم أو قاطع طريق ، كان فيه دَخَل ومذمّة ، فإذا كان إظهاراً لحقِّ المحقّ وإبطالِ الباطل ، استكمل المحمدة ، ولذلك فَسّر النَّبيء صلى الله عليه وسلم نصر الظالم بما يناسب خُلُق الإسلام لمّا قال : « انصر أخاك ظالماً ومظلوماً » فقال بعض القوم : هذا أنصره إذا كان مظلوماً فكيف أنصره إذا كان ظالماً ؟ فقال : « أنْ تنصره على نفسه فتكفّه عن ظلمه » .