{ ثُمَّ الجحيم صَلُّوهُ } أى : ثم بعد هذا التقييد والإِذلال . . اقذفوه به إلى الجحيم ، وهى النار العظيمة ، الشديدة التأجج والتوهج .
ومعنى { صَلُّوهُ } بالغوا فى تصليته النار ، بغمسه فيها مرة بعد أخرى . يقال : صَلِى فلان النار ، إذا ذاق حرها ، وصَلّى فلان فلانا النار ، إذا أدخله فيها . وقلبه على جمرها كما تقلب الشاة فى النار .
ولا يقطع هذه الرنة الحزينة المديدة إلا الأمر العلوي الجازم ، بجلاله وهوله وروعته :
( خذوه . فغلوه . ثم الجحيم صلوه . ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه ) . .
يا للهول الهائل ! ويا للرعب القاتل ! ويا للجلال الماثل !
كلمة تصدر من العلي الأعلى . فيتحرك الوجود كله على هذا المسكين الصغير الهزيل . ويبتدره المكلفون بالأمر من كل جانب ، كما يقول ابن أبي حاتم بإسناده عن المنهال بن عمرو : " إذا قال الله تعالى : خذوه ابتدره سبعون ألف ملك . إن الملك منهم ليقول هكذا فيلقي سبعين ألفا في النار " . . كلهم يبتدر هذه الحشرة الصغيرة المكروبة المذهولة !
فأي السبعين ألفا بلغه جعل الغل في عنقه . . !
ونكاد نسمع كيف تشويه النار وتصليه . .
( ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه ) . .
وذراع واحدة من سلاسل النار تكفيه ! ولكن إيحاء التطويل والتهويل ينضح من وراء لفظ السبعين وصورتها .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
"ثم الجَحِيمَ صَلّوهُ" : ثم في جهنم أوردوه، ليصلى فيها.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
أي أدخلوه، يقال: لحم مصلي، أي مشوي...
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
فالجحيم هي النار الغليظة، لأن النار قد تكون ضعيفة كنار السراج ونار القدح، وقد تكون قوية كنار الحريق فلا يقال لنار السراج: جحيم، وهو اسم علم على نار جهنم التي أعدها الله للكفار.
والتصلية: إلزام النار، ومنه الاصطلاء وهو القعود عند النار للدفء، وأصله لزوم الأمر.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
ثم لا تصلوه إلا الجحيم، وهي النار العظمى، لأنه كان سلطاناً يتعظم على الناس.
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي 741 هـ :
قدم الجحيم على صلوه لإرادة الحصر أيضا.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ولما كان الغل لما بعده من العقاب، قال معظماً رتبة عقابه في الشدة والهول بالتعبير بأداة التراخي: {ثم الجحيم} أي النار العظمى التي تجمح على من يريد دفاعاً وتحجم عنها من رآها لأنها في غاية الحمو والتوقد والتغيظ والتشدد.
{صلوه} أي بالغوا في تصليته إياها وكرروها لغمسه في النار كالشاة المصلية مرة بعد أخرى ولا تصلوه في أول أمره غيرها لأنه كان لا يألو جهداً أن يحرق قلوب النصحاء بأشد ما يقدر عليه من الكلام وغيره، وكان يتعظم على الضعفاء، فناسب أن يصلى أعظم النيران.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.