التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَمَآ أَغۡنَىٰ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (84)

{ فأخذتهم الصيحة مصبحين ، فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون } .

أي فكانت نتيجة تكذيب أصحاب الحجر لرسولهم صالح –عليه السلام- أن أهلكهم الله –تعالى- وهم داخلون في وقت الصباح ، وعن طريق الصيحة الهائلة ، التي جعلتهم في ديارهم جاثمين ، دون أن يغني عنهم شيئا ما كانوا يكسبون من جمع الأموال . وما كانوا يصنعونه من نحت البيوت في الجبال .

وهكذا نرى أن كل وقاية ضائعة ، وكل أمان ذاهب . وكل تحصن زائل أمام عذاب الله المسلط على أعدائه المجرمين .

وهكذا تنتهي تلك الحلقات المتصلة من قصص بعض الأنبياء مع أقوامهم والتي تتفق جميعها في بيان سنة من سنن الله –تعالى- في خلقه . وهي أن النجاة والسعادة والنصر للمؤمنين .

والهلاك والشقاء والهزيمة للمكذبين .

ثم ختمت السورة ببيان كمال قدرة الله –تعالى- وببيان جانب من النعم التي منحها سبحانه لبيه صلى الله عليه وسلم وبتهديد المشركين الذين جعلوا القرآن عضين والذين جعلوا مع الله إلها آخر . وبتسليته صلى الله عليه وسلم عما لحقه منهم من أذى فقال تعالى :

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَمَآ أَغۡنَىٰ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (84)

49

( فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )

وهكذا تنتهي تلك الحلقات الخاطفة من القصص في السورة ، محققة سنة الله في أخذ المكذبين عند انقضاء الأجل المعلوم . فتتناسق نهاية هذا الشوط مع نهايات الأشواط الثلاثة السابقة في تحقيق سنة الله التي لا ترد ، ولا تتخلف ، ولا تحيد .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَمَآ أَغۡنَىٰ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (84)

{ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } أي : ما كانوا يستغلونه من زروعهم وثمارهم التي ضَنُّوا بمائها عن الناقة ، حتى عقروها لئلا تضيق عليهم في المياه ، فما دفعت عنهم تلك الأموال ، ولا نفعتهم لما جاء أمر ربك .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَمَآ أَغۡنَىٰ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (84)

ولم تغن عنهم شدة نظرهم للدنيا وتكسبهم شيئاً ، ولا دفع عذاب الله ، و { ما } الأولى تحتمل النفي وتحتمل التقرير{[1]} ، والثانية مصدرية{[2]} .


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟
[2]:- ولم يكن الله ليمتن على رسوله بإيتائه فاتحة الكتاب وهو بمكة، ثم ينزلها بالمدينة، ولا يسعنا القول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بمكة بضع عشرة سنة يصلي بلا فاتحة الكتاب، هذا ما لا تقبله العقول، قاله الواحدي. وقوله تعالى: (ولقد آتيناك...) هو من الآية رقم (87) من سورة الحجر.