اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَمَآ أَغۡنَىٰ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (84)

قوله : " فَمَا أغْنَى " يجوز أني تكون نافية ، أو استفهامية فيها [ معنى ] التعجب ، وقوله : " مَا كَانُوا " يجوز أن تكون " مَا " مصدرية ، أي : كسبهم ، أو موصوفة ، أو بمعنى " الَّذي " ، والعائد محذوف ، أي : شيء يكسبونه ، أو الذي يكسبونه .

فصل

وروى البخاري عن ابن عمر -رضي الله عنه- " أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لمَّا نزل الحجر في غزوة تبوك ، أمرهم ألاَّ يشربوا من بئرها ، ولا يستقوا منها ، فقال واحدٌ : عَجَنَّا ، وأسْتقَيْنَا ، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يهريقوا ذلك الماء ، وأن يطرحوا ذلك العجين " ، وفي رواية : " وأنْ يَعْلِفُوا الإبل العجِين " {[19622]} .

وفي هذا دليل على كراهة دخول تلك المواضع ، وعلى كراهةِ دخول مقابر الكفار ، وعلى تحريم الانتفاع بالماء المسخوط عليه ؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بإهراقه وطرح العجين ، وهكذا حكم الماء النَّجسِ ، ويدلُّ على أنَّ ما لا يجوز استعماله من الطعام ، والشراب ، يجوز أن يعلفه البهائم .


[19622]:أخرجه البخاري (6/478) كتاب أحاديث الأنبياء حديث (3380).