ثم حكى - سبحانه - ما فعله نوح - عليه السلام - بعد أن صبر على إيذاء قومه فقال : { فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فانتصر } .
أى : وبعد أن يئس نوح - عليه السلام - من إيمان قومه . . . تضرع إلى ربه قائلا : يارب إن قومى قد غلبونى بقوتهم وتمردهم . . . فانتصر لى منهم ، فأنت أقوى الأقوياء ، وأعظم نصير للمظلومين والمغلوبين على أمرهم من أمثالى .
عندئذ عاد نوح إلى ربه الذي أرسله وكلفه مهمة التبليغ . عاد لينهي إليه ما انتهى إليه أمره مع قومه ، وما انتهى إليه جهده وعمله ؛ وما انتهت إليه طاقته ووسعه . ويدع له الأمر بعد أن لم تعد لديه طاقة لم يبذلها ، وبعد أن لم تبق له حيلة ولا حول :
( فدعا ربه : أني مغلوب . فانتصر ) . .
انتهت طاقتي . انتهى جهدي . انتهت قوتي . وغلبت على أمري . ( أني مغلوب فانتصر ) . . انتصر أنت يا ربي . انتصر لدعوتك . انتصر لحقك . انتصر لمنهجك . انتصر أنت فالأمر أمرك ، والدعوة دعوتك . وقد انتهى دوري !
تفريع على { كذبت قبلهم قوم نوح } [ القمر : 9 ] وما تفرع عليه .
والمغلوب مجاز ، شبه يأسه من إجابتهم لدعوته بحال الذي قاتل أو صارع فغلبه مقاتله ، وقد حكى الله تعالى في سورة نوح كيف سلك مع قومه وسائل الإقناع بقبول دعوته فأعيته الحيل .
و { أنى } بفتح الهمزة على تقدير باء الجر محذوفة ، أي دعا بأني مغلوب ، أي بمضمون هذا الكلام في لغته .
وحذف متعلق { فانتصر } للإِيجاز وللرعي على الفاصلة والتقدير : فانتصر لي ، أي انصرني .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.