التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{لَكُمۡ فِيهَا فَٰكِهَةٞ كَثِيرَةٞ مِّنۡهَا تَأۡكُلُونَ} (73)

ثم ختم - سبحانه - هذا التكريم لعباده بقوله : { وَتِلْكَ الجنة التي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِّنْهَا تَأْكُلُونَ } .

واسم الإِشارة { تِلْكَ } مبتدأ وخبره { الجنة } وما بعدها صفة الجنة . . وفى الكلام التفات من الغيبة إلى الخطاب على سبيل التشريف .

وقال - سبحانه - { وَتِلْكَ } بالإِفراد ، للإِشعار بأن الخطاب لكل واحد من أهل الجنة ، على سبيل العناية به ، والإِعلاء من شأنه .

أى : ويقال لهم يوم القيامة على سبيل التشريف : وهذه الجنة التى أورثتموها بسبب أعمالكم الصالحة فى الدنيا ، لكم فيها فاكهة كثيرة ، وثمار لذيذة ، منها تأكلون أكلا هنيئا مريئا .

وعبر بقوله - تعالى - { أُورِثْتُمُوهَا } للإِشعار بأنها قد صارت إليهم بفضل الله وكرمه ، كما يصير الميراث إلى الوارث .

وقوله { بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } بيان للأسباب التى أوصلتهم إلى هذه المنازل الالية ، فإن أعمالهم الطيبة التى تقبلها الله - تعالى - منهم ، جعلتهم - بفضله وإحسانه - فى أعلى الدرجات وأسماها .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَكُمۡ فِيهَا فَٰكِهَةٞ كَثِيرَةٞ مِّنۡهَا تَأۡكُلُونَ} (73)

57

ثم نشهد - بعين الخيال - فإذا صحاف من ذهب وأكواب يطاف بها عليهم . وإذا لهم في الجنة ما تشتهيه الأنفس . وفوق شهوة النفوس التذاذ العيون ، كمالاً وجمالاً في التكريم :

( يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب . وفيها ما تشتهيه الأنفس ، وتلذ الأعين ) . .

ومع هذا النعيم . ما هو أكبر منه وأفضل . التكريم بالخطاب من العلي الكريم :

( وأنتم فيها خالدون . وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون . لكم فيها فاكهة كثيرة منها تأكلون )فما بال المجرمين الذين تركناهم منذ هنيهة يتلاحون ويختصمون ?

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{لَكُمۡ فِيهَا فَٰكِهَةٞ كَثِيرَةٞ مِّنۡهَا تَأۡكُلُونَ} (73)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"لَكُمْ فِيها" يقول: لكم في الجنة "فاكهة" كثيرة من كلّ نوع "مِنْها تَأْكُلُونَ" يقول: من الفاكهة تأكلون ما اشتهيتم.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

مثل هذا الوعد كأنه إنما جاء لأهل مكة، فكان لا فواكه لهم فيها ولا ثمار، يخبر أن لكم في الجنة من الفواكه الكثيرة ما لا يفنى، ولا ينقطع.

{منها تأكلون} ما تأكلون فلا يؤذيكم ولا يضرّكم وإن أكثرتم.

ويحتمل أن ما ذكر لما عرف من رغبة الناس إلى الفواكه والثمار في الدنيا، رغّبهم بها في الآخرة، وحثّهم على دفع ذلك لهم...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{مِّنْهَا تَأْكُلُونَ} من للتبعيض، أي: لا تأكلون إلا بعضها، وأعقابها باقية في شجرها، فهي مزينة بالثمار أبداً موقرة بها، لا ترى شجرة عريانة من ثمرها كما في الدنيا...

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

لما ذكر الله تعالى الطعام والشراب، ذكر بعده الفاكهة لتتم هذه النعمة والغبطة...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما كان الأكل أعم الحاجات وأعم الطلبات، قال تعالى مبيناً أن جميع أكلهم تفكه ليس فيه شيء تقوتاً؛ لأنه لا فناء فيها لقوة ولا غيرها لتحفظ بالأكل ولا ضعف

{لكم فيها فاكهة} أي ما يؤكل تفكهاً وإن كان لحماً وخبزاً.

ولما كان ما يتفكه في الدنيا قليلاً قال تعالى: {كثيرة} ودل مع الكثرة على دوام النعمة بقصد التفكه بكل شيء فيها بقوله: {منها} أي لا من غيرها مما يلحظ فيه التقوت.

{تأكلون} فلا تنفد أبداً ولا تتأثر بأكل الآكلين؛ لأنها على صفة الماء النابع، لا يؤخذ منه شيء إلا خلف مكانه مثله أو أكثر منه في الحال...

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ :

{لَكُمْ فِيهَا فاكهة كَثِيرَةٌ} بحسبِ الأنواعِ والأصنافِ لا بحسبِ الأفرادِ فقطْ.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

جملة {لكم فيها فاكهة} صفة ثانية للجنة، والفاكهة: الثمار رطبها ويابسها، وهي من أحسن ما يستلذّ من المآكل، وطعومُها معروفة لكل سامع. ووجه تكرير الامتنان بنعيم المأكل والمشرب في الجنة: أن ذلك من النعيم الذي لا تختلف الطباع البشرية في استلذاذه، ولذلك قال: {منها تأكلون} كقوله تعالى: {كُلوا من ثمرهِ إذا أثمر} [الأنعام: 141]...