التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمَا تَأۡتِيهِم مِّنۡ ءَايَةٖ مِّنۡ ءَايَٰتِ رَبِّهِمۡ إِلَّا كَانُواْ عَنۡهَا مُعۡرِضِينَ} (46)

{ وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } .

و " من " الأولى مزيدة لتأكيد إعراضهم وصممهم عن سماع الحق ، والثانية للتبعيض .

أى : ولقد بلغ الجحود والجهل والعناد عند هؤلاء المشركين ، أنهم ما تأتيهم آية من الآيات التى تدل على وحدانية الله - تعالى - وقدرته ، وعلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم صادق فى دعوته ، إلا كانوا عن كل ذلك معرضين إعراضا تاما ، شأنهم فى ذلك شأن الجاحدين من قبلهم .

وأضاف - سبحانه - إليه الآيات التى أتتهم ، لتفخيم شأنها ، وبيان أنها آيات عظيمة ، كان من شأنهم - لو كانوا يعقلون - أن يتدبروها ، ويتبعوا من جاء بها

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَا تَأۡتِيهِم مِّنۡ ءَايَةٖ مِّنۡ ءَايَٰتِ رَبِّهِمۡ إِلَّا كَانُواْ عَنۡهَا مُعۡرِضِينَ} (46)

30

ومع تلك الآيات الواضحات فالعباد في غفلة ، لا تتوجه أنظارهم ، ولا تستيقظ قلوبهم ؛ ولا يكفون عن سخريتهم وتكذيبهم ، واستعجالهم بالعذاب الذي ينذرهم به المرسلون :

( وإذا قيل لهم : اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم لعلكم ترحمون . وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين . وإذا قيل لهم : أنفقوا مما رزقكم الله ، قال الذين كفروا للذين آمنوا أنطعم من لو يشاء الله أطعمه ? إن أنتم إلا في ضلال مبين . ويقولون : متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ? ) . .

إن تلك الآيات بذاتها لا تثير في قلوبهم التطلع والتدبر والحساسية والتقوى . وهي بذاتها كافية أن تثير في القلب المفتوح هزة ورعشة وانتفاضة ؛ وأن تخلطه بهذا الوجود . هذا الكتاب المفتوح الذي تشير كل صفحة من صفحاته إلى عظمة الخالق ، ولطيف تدبيره وتقديره . ولكن هؤلاء المطموسين لا يرونها . وإذا رأوها لا يتدبرونها . والله - لعظيم رحمته - لا يتركهم مع هذا بلا رسول ينذرهم ويوجههم ويدعوهم إلى رب هذا الكون وبارى ء هذا الوجود . ويثير في قلوبهم الحساسية والخوف والتقوى ويحذرهم موجبات الغضب والعذاب ، وهي محيطة بهم ، من بين أيديهم ومن خلفهم ، إلا ينتبهوا لها يقعوا فيها في كل خطوة من خطواتهم . وتتوالى عليهم الآيات مضافة إلى الآيات الكونية التي تحيط بهم في حيثما يتجهون . ولكنهم مع هذا يظلون في عمايتهم سادرين :

( وإذا قيل لهم : اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم لعلكم ترحمون . وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين ) . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمَا تَأۡتِيهِم مِّنۡ ءَايَةٖ مِّنۡ ءَايَٰتِ رَبِّهِمۡ إِلَّا كَانُواْ عَنۡهَا مُعۡرِضِينَ} (46)

وقوله : { وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبّهمْ إلاّ كَانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ } يقول تعالى ذكره : وما تجيء هؤلاء المشركين من قريش آية ، يعني حجة من حُجَج الله ، وعلامة من علاماته على حقيقة توحيده ، وتصديق رَسُوله ، إلا كانوا عنها معرضين ، لا يتفكرون فيها ، ولا يتدبرونها ، فيعلموا بها ما احتجّ الله عليهم بها .

فإن قال قائل : وأين جواب قوله : { وَإذا قِيلَ لَهُمُ اتّقُوا ما بَيَنَ أيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ } ؟ قيل : جوابه وجواب قوله { وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبّهمْ } . . . قوله : { إلاّ كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ } ؛ لأن الإعراض منهم كان عن كلّ آية لله ، فاكتفى بالجواب عن قوله :

{ اتّقُوا ما بَينَ أيْدِيكُمْ }وعن قوله : وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ بالخبر عن إعراضهم عنها لذلك ؛ لأن معنى الكلام : وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم أعرضوا ، وإذا أتتهم آية أعرضوا .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمَا تَأۡتِيهِم مِّنۡ ءَايَةٖ مِّنۡ ءَايَٰتِ رَبِّهِمۡ إِلَّا كَانُواْ عَنۡهَا مُعۡرِضِينَ} (46)

وجواب إذا محذوف دل عليه قوله : { وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين } كأنه قال : وإذ قيل لهم اتقوا العذاب اعرضوا لأنهم اعتادوه وتمرنوا عليه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمَا تَأۡتِيهِم مِّنۡ ءَايَةٖ مِّنۡ ءَايَٰتِ رَبِّهِمۡ إِلَّا كَانُواْ عَنۡهَا مُعۡرِضِينَ} (46)

وجملة { ما تأتِيهم من ءايَةٍ من ءاياتت ربِهم إلاَّ كانوا عَنها مُعْرِضين } واقعة موقع التذييل لما قبلها ، ففيها تعميم أحوالهم وأحواللِ ما يُبلَّغونه من القرآن ؛ فكأنه قيل : وإذا قيل لهم اتقوا أعرضوا ، والإِعراض دأبهم في كل ما يقال لهم .

والآيات : آيات القرآن التي تنزل فيقرؤها النبي صلى الله عليه وسلم عليهم ، فأطلق على بلوغها إليهم فعل الإِتيان ووصفها بأنها من آيات ربهم للتنويه بالآيات والتشنيع عليهم بالإِعراض عن كلام ربهم كفراً بنعمة خلقه إياهم .

و { ما } نافية ، والاستثناء من أحوال محذوفة ، أي ما تأتيهم آية في حال من أحوالهم إلا كانوا عنها معرضين . وجملة { كانُوا عنها مُعْرِضِينَ } في موضع الحال .