التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ نَحۡنُ أَكۡثَرُ أَمۡوَٰلٗا وَأَوۡلَٰدٗا وَمَا نَحۡنُ بِمُعَذَّبِينَ} (35)

ثم يحكى القرآن الكريم أن هؤلاء المترفين لم يكتفوا بإعلان كفرهم ، وتكذيبهم للأنبياء والمصلحين ، بل أضافوا إلى ذلك التبجح والتعالى على المؤمنين . فقال - تعالى - : { وَقَالُواْ } أى المترفون الذين أبطرتهم النعمة للمؤمنين الفقراء { نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً } منكم - أيها المؤمنون - إذ أموالنا أكثر من أموالكم ، وأولادنا أكثر من أولادكم ، ولولا أننا أفضل عند الله منكم ، لما اعطانا . مالا يعطيكم . .

فنحن نعيش حياتنا فى أمان واطمئنان { وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } بشئ من العذاب الذى تعدوننا به لا فى الدنيا ولا فى الآخرة .

قال الامام ابن كثير تفسيره هذه الآية : افتخر المترفون - بكثرة الأموال والأولاد ، واعتقدوا أن ذلك دليل على محبة الله لهم ، واعتنائه بهم ، وأنه ما كان ليعطيهم هذا فى الدنيا ، ثم يعذبهم فى الآخرة ، وهيهات فى الآخرة ، وهيهات لهم ذلك . قال - تعالى - : { فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الحياة الدنيا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَقَالُواْ نَحۡنُ أَكۡثَرُ أَمۡوَٰلٗا وَأَوۡلَٰدٗا وَمَا نَحۡنُ بِمُعَذَّبِينَ} (35)

28

والمترفون تخدعهم القيم الزائفة والنعيم الزائل ، ويغرهم ما هم فيه من ثراء وقوة ، فيحسبونه مانعهم من عذاب الله ؛ ويخالون أنه آية الرضى عنهم ، أو أنهم في مكان أعلى من الحساب والجزاء :

( وقالوا : نحن أكثر أموالاً وأولاداً ، وما نحن بمعذبين ) . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَقَالُواْ نَحۡنُ أَكۡثَرُ أَمۡوَٰلٗا وَأَوۡلَٰدٗا وَمَا نَحۡنُ بِمُعَذَّبِينَ} (35)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَالُواْ نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذّبِينَ * قُلْ إِنّ رَبّي يَبْسُطُ الرّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ وَلََكِنّ أَكْثَرَ النّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } .

يقول تعالى ذكره : وقال أهل الاستكبار على الله من كل قرية أرسلنا فيها نذيرا لأنبيائنا ورسلنا : نحن أكْثَرُ أمْوَالاً وأوْلادا وَما نَحْنُ فِي الاَخرَةِ بِمُعَذّبينَ لأن الله لو لم يكن راضيا ما نحن عليه من الملة والعمل لم يخوّلنا الأموال والأولاد ، ولم يبسط لنا في الرزق ، وإنما أعطانا ما أعطانا من ذلك لرضاه أعمالنا ، وآثرنا بما آثرنا على غيرنا لفضلنا ، وزلفة لنا عنده يقول الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل لهم يا محمد : إن ربي يبسط الرزق من المعاش والرياش في الدنيا لمن يشاء من خلقه ويَقْدِر فيضيق على من يشاء لا لمحبة فيمن يبسط له ذلك ولا خير فيه ولا زُلْفة له ، استحقّ بها منه ، ولا لبُغض منه لمن قدر عليه ذلك ، ولا مَقْت ، ولكنه يفعل ذلك مِحْنة لعباده وابتلاء ، وأكثر الناس لا يعلمون أن الله يفعل ذلك اختبارا لعباده ، ولكنهم يظنون أن ذلك منه محبة لمن بَسَطَ له ومَقْت لمن قَدَر عليه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَما أمْوَالُكُمْ وَلا أوْلادُكمْ بالتي تُقَرّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفَى . . . الاَية ، قال : قالوا : نحن أكثر أموالاً وأولادا ، فأخبرهم الله أنه ليست أموالكم ولا أولادكم بالتي تقرّبكم عندنا زُلْفى ، إلاّ مَنْ آمَنَ وعَمِلَ صَالحا ، قال : وهذا قول المشركين لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، قالوا : لو لم يكن الله عنا راضيا لم يعطنا هذا ، كما قال قارون : لولا أن الله رَضِيَ بي وبحالي ما أعطاني هذا ، قال : أوَ لَمْ يَعْلَمْ أنّ اللّهَ قَدْ أهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ . . . إلى آخر الاَية .