البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَقَالُواْ نَحۡنُ أَكۡثَرُ أَمۡوَٰلٗا وَأَوۡلَٰدٗا وَمَا نَحۡنُ بِمُعَذَّبِينَ} (35)

والظاهر أن الضمير في { وقالوا } عائد على المترفين ؛ وقيل : عائد على قريش ، ويدل عليه ما بعده من الخطاب في قوله : { قل } ، لأن من تقدم من المترفين الهالكين لا يخاطبون ، فلا يقول إلا الموجودون ، وقوله : { وما أموالكم ولا أولادكم } ؛ واحتجوا على رضا الله عنهم بإحسانه تعالى إليهم ، فلو لم يتكرم عليهم ما بوسع علينا ، وأما أنتم فلهوانكم عليه حرمكم أيها التابعون للرسل .

ثم نقول : إن يعذبوا نفياً عاماً ، لأن الأنبياء قد ينذرون بعذاب عاجل في الدنيا ، أو آجل في الآخرة ، فنفوا هم جميع ذلك .

فإما أن يكونوا منكرين للآخرة ، فقد نفوا تعذيبهم فيها ، لأنها إذ لم تكن ، فلا يكون فيها عذاب .

وإما أن يكونوا مقرين بها حقيقة ، أو على سبيل الفرض ، فيقولون : كما أنعم علينا في الدنيا ، ينعم علينا في الآخرة على حالة الدنيا قياساً فاسداً فأبطل الله ذلك بأن الرزق فضل منه يقسم علينا في الآخرة على حالة الدنيا ، كما شاء .