الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَقَالُواْ نَحۡنُ أَكۡثَرُ أَمۡوَٰلٗا وَأَوۡلَٰدٗا وَمَا نَحۡنُ بِمُعَذَّبِينَ} (35)

وقوله : { وَقَالُواْ نَحْنُ أَكْثَرُ أموالا } الآية : يُحْتَمَلُ أنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ فِي { قَالُواْ } عَلى المُتْرِفِينَ ؛ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِقُرَيْشٍ ، وَيَكُونُ كَلاَمُ المُتْرِفِينَ قَدْ تَمَّ قَبْلَهُ ، وَفِي «صحيح مسلمٍ » عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنَّه قَالَ : " إنَّ اللّهَ لاَ يَنْظُرُ إلى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ ، ولكن يَنْظُرُ إلى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ " انتهى .

واعلم أَنَّ المَالَ الزَّائِدَ عَلَى قَدْرِ الحَاجَةِ قَلَّ أَنْ يَسْلَمَ صَاحِبُهُ مِنَ الآفَاتِ إلاَّ مَنْ عَصَمَه اللّه : { وَلَوْ بَسَطَ الله الرزق لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِي الأرض } [ الشورى : 27 ] وَقَدْ جَاءَ فِي «صَحِيحِ البُخَارِيِّ » وَغَيْرِهِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَالَ : " الأَكْثَرُونَ مَالاً هُمُ الأَقَلُّونَ يَوْمَ القِيَامَةِ إلاَّ مَنْ قَالَ بِالمَالِ هَكَذَا وَهَكَذَا " وأَشَارَ ابنُ شِهَابٍ بَيْنَ يَدَيْهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ ا . ه ، وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي «رَقَائِقِهِ » قَالَ : أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ بنُ شُرَيْحٍ عَن عقَيْلٍ بْنِ خَالِدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرحمن بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم " إنَّ الشَّيْطَانَ قَالَ : لَنْ يَنْجُوَ مِنِّي الغَنِيُّ مِنْ إحدى ثَلاثٍ : إمَّا أنْ أُزَيِّنَ مَالَهُ فِي عَيْنَيْهِ فَيَمْنَعُهُ مِنْ حَقِّهِ ؛ وَإمَّا أنْ أُسَهِّلَ لَهُ سَبِيلَهُ فَيُنْفِقُهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ ؛ وَإمَّا أَنْ أُحَبِّبَهُ فَيَكْسِبَهُ بِغَيْرِ حَقِّه " انتهى .