تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَقَالُواْ نَحۡنُ أَكۡثَرُ أَمۡوَٰلٗا وَأَوۡلَٰدٗا وَمَا نَحۡنُ بِمُعَذَّبِينَ} (35)

الآية 35 وقوله تعالى : { قل إن ربي يبسُط الرزق لمن يشاء ويقدر } هذا أيضا ينقض على المعتزلة ومن يقول بأن الله لا يبسط على أحد الرزق إذا لم يكن في البسط إصلاح له وخير ، وكذلك لا يقتُر على أحد ذلك إذا لم يكن في التقتير خير .

وعندنا { يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر } وإن لم يكن خيرا له ، وكذلك يقتر على من يشاء ، وإن كان شرا له على ما نطق ظاهر الآية ، ليس عليه حفظ الأصلح ولا الخير ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { ولكن أكثر الناس لا يعلمون } أي لا ينتفعون بعلمهم ، أو لا يعلمون حقيقة ، لما تركوا النظر والتفكّر في أسباب العلم [ لم يعلموا ]{[17050]} فلا يُعذَرون لما مكّن لهم العلم به .

وقولهم : { نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمُعذَّبين } قالوا ذلك لما يروا الحكمة أن يُحسن أحد إلى عدوّه ، والسعة هي من الفضل والإحسان ، ثم رأوا لأنفسهم ذلك ؟ ظنوا أنهم أولياء الله ، وأن الرسل حين{[17051]} ضُيّقت عليهم الدنيا إنما ضُيّقت عليهم الدنيا لأنهم ليسوا بأولياء الله ، لذلك قالوا { نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذَّبين } .

وهذا القول منهم لإنكارهم البعث فلو{[17052]} كانوا مُقرّين به لكانوا لا يقولون ذلك ، ويعلمون أن السعة في الدنيا والضيق فيها بحق الامتحان . وأما إذا كان بعث ودار أخرى للجزاء ففي الحكمة أن يُجزى الوليّ جزاء الولاية والمسيء من العدو جزاء الإساءة والعداوة . وأما الدار التي هي دار امتحان وابتلاء فيجوز ذلك بحق الامتحان في الحكمة . ولذلك خرج الجواب لهم [ في الآية 36 قوله ]{[17050]} { قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر }


[17050]:في الأصل وم: ليعلموا.
[17051]:في الأصل وم: حيث.
[17052]:في الأصل وم: فإن.