التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَرِهُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأَحۡبَطَ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (9)

ثم بين - سبحانه - الأسباب التي أدت بهم إلى الخسران والضلال فقال : { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُواْ مَآ أَنزَلَ الله فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ } .

أى : ذلك الذى حل بهم من التعاسة والإِضلال بسبب أنهم كرهوا ما أنزله - تعالى - على رسول - صلى الله عليه وسلم - من قرآن إلى الرشد ، فكانت نتيجة هذه الكراهية ، أن أحبط الله أعمالهم الحسنة التى عملوها فى الدنيا كإطعام وصلة الأرحام . . لأن هذه الأعمال لم تصدر عن قلب سليم ، يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَرِهُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأَحۡبَطَ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (9)

وقوله : ذلكَ بأنّهُم كَرِهُوا ما أنْزَلَ اللّهُ يقول تعالى ذكره : هذا الذي فعلنا بهم من الإتعاس وإضلال الأعمال من أجل أنهم كرهوا كتابنا الذي أنزلناه إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وسخطوه ، فكذّبوا به ، وقالوا : هو سحر مبين .

وقوله : فَأَحْبَطَ أعمالَهُمْ يقول : فأبطل أعمالهم التي عملوها في الدنيا ، وذلك عبادتهم الاَلهة ، لم ينفعهم الله بها في الدنيا ولا في الاَخرة ، بل أوبقهم بها ، فأصلاهم سعيرا ، وهذا حكم الله جلّ جلاله في جميع من كفر به من أجناس الأمم ، كما قال قتادة .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة في قوله : فَتَعْسا لَهُمْ قال : هي عامة للكفار .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَرِهُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأَحۡبَطَ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (9)

وقوله تعالى : { كرهوا ما أنزل الله } يريد القرآن . وقوله : { فأحبط أعمالهم } يقتضي أن أعمالهم في كفرهم التي هي بر مقيدة محفوظة ، ولا خلاف أن الكافر له حفظة يكتبون سيئاته .

واختلف الناس في حسناتهم ، فقالت فرقة : هي ملغاة يثابون عليها بنعم الدنيا فقط . وقالت فرقة : هي محصاة من أجل ثواب الدنيا ، ومن أجل أن[ الكافر ]{[10360]} قد يسلم فينضاف ذلك إلى حسناته في الإسلام ، وهذا أحد التأويلين في قول النبي عليه السلام لحكيم بن حزام : «أسلمت على ما سلف لك من خير »{[10361]} . فقوم قالوا تأويله : أسلمت على أن يعد لك ما سلف من خير ، وهذا هو التأويل الذي أشرنا إليه . وقالت فرقة معناه : أسلمت على إسقاط ما سلف لك من خير ، إذ قد ثوبت عليه بنعم دنياك . وذكر الطبري أن أعمالهم التي أخبر في هذه الآية بحبطها : عبادتهم الأصنام وكفرهم . ومعنى : { أحبط } جعلها من العمل الذي لا يزكو ولا يعتد به ، فهي لذلك كالذي أحبط .


[10360]:ما بين العلامتين[.....] زيادة يحتاج إليها التعبير.
[10361]:أخرجه البخاري في الأدب والزكاة والبيوع والعتق، ومسلم في الإيمان، وأحمد في المسند (3-402، 434)، والحديث عن عروة بن الزبير، عن حكيم بن حزام، قال: قلت: يا رسول الله، أرأيت أمورا كنت أتحنث بها في الجاهلية من عتاقة وصلة رحم، هل لي فيها أجر؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:(أسلمت على ما أسلفتَ من خير).