التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{وَحَفِظۡنَٰهَا مِن كُلِّ شَيۡطَٰنٖ رَّجِيمٍ} (17)

ثم وضح - سبحانه - بأن هذا التزيين للسماء ، مقرون بالحفظ والصيانة والطهارة من كل رجس فقال - تعالى - { وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ } .

والمراد بالشيطان هنا : المتمرد من الجن ، مشتق من شطن بمعنى بعد ، إذ الشيطان بعيد بطبعه عن كل خير .

والرجيم ، أى المرجوم المحقر ، مأخوذ من الرجم ، لأن العرب كانوا إذا احتقروا أحداً رجموه بالقطع من الحجارة ، وقد كان العرب يرجمون قبر أبى رغال الثقفى ، الذي أرشد جيش الحبشة إلى مكة لهدم الكعبة .

قال جرير :

إذا مات الفرزدق فارجموه . . . كما ترمون قبر أبى رغال

والمعنى : ولقد جعلنا في السماء منازل وطرقا للكواكب ، وزيناها - أى السماء - للناظرين إليها ، وحفظناها من كل شيطان محقر مطرود من رحمتنا بأن منعناه من الاستقرار فيها ، ومن أن ينفث فيها شروره ومفاسده ، لأنها موطن الأخيار الأطهار .

قال - تعالى - : { إِنَّا زَيَّنَّا السمآء الدنيا بِزِينَةٍ الكواكب وَحِفْظاً مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ } وقال - تعالى - : { وَلَقَدْ زَيَّنَّا السمآء الدنيا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِّلشَّيَاطِينِ . . . . }