اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَحَفِظۡنَٰهَا مِن كُلِّ شَيۡطَٰنٖ رَّجِيمٍ} (17)

{ وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ } مَرجُومٍ ، وقيل : ملعُون .

قال ابنُ عباسٍ -رضي الله عنه- كانت الشياطين لا يحجبون عن السماوات ، وكانوا يدخلونها ، ويأتون بأخبارها ؛ فيلقون على الكهنة ، فلما ولد عيسى -صلوات الله وسلامه عليه- منعوا من ثلاث سماواتٍ ، فلما و لد محمدٌ صلى الله عليه وسلم منعوا من السماوات أجمع ، فما منهم من أحدٍ يريد استراق السمع ، إلاَّ رمي بشهابٍ{[19467]} .

فلمَّا منعُوا من تلك المقاعد ، ذكروا ذلك لإبليس ، فقال : حدث في الأرض حدثٌ ، قال : فبعثهم ، فوجد رسول الله –صلوات الله وسلامه عليه- يتلوا القرآن ، فقالوا والله حدث .

فإن قيل : ما معنى : { وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ } والشيطانُ لا قدرة له على هدم السماء ، فأيُّ حاجة إلى حفظ السماء منه ؟ قلنا : لما منعهم من القرب منها ، فقد حفظ السماء من مقاربة الشيطان ، فحفظ الله السماء منهم ، كما قد يحفظ منازلنا ممَّن يخشى منه الفساد .

والرَّميُ في اللغة : الرميُ بالحجارة ، والرَّجمُ أيضاً : السبُّ والشتمُ ؛ لأنه رميٌ بالقولِ القبيح ، والرجمُ : القول بالظنِّ ؛ ومنه قوله تعالى : { رَجْماً بالغيب } [ الكهف : 22 ] ؛ لأنه يرميه بذلك الظنِّ ، والرجم أيضاً : اللَّعن ، والطَّرد .


[19467]:ذكره البغوي في "تفسيره" (3/45) والرازي (19/134).