التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{وَمَا يَنۢبَغِي لِلرَّحۡمَٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا} (92)

وقوله : { أَن دَعَوْا للرحمن وَلَداً وَمَا يَنبَغِي للرحمن أَن يَتَّخِذَ وَلَداً } بمنزلة التعليل لما قبله مع تقدير لام التعليل المحذوفة .

أى : تكاد السموات يتفطرن والأرض تتشقق ، والجبال تنهد ، لأن هؤلاء الضالين قد زعموا أن الله - تعالى - ولدا ، والحال أنه ما يصح أن يتخذ الرحمن ولدا ، لأنه - سبحانه - غنى عن العالمين .

قال صاحب الكشاف ما ملخصه : " إن قلت : ما معنى هذا التأثر من أجل هذه الكلمة ؟

قلتك فيه وجهان : أحدهما أن الله - سبحانه - يقول : كدت أفعل هذا بالسموات والأرض والجبال عند وجود هذه الكلمة غضبا منى على من تفوه بها . . . لولا أنى لا أعجل بالعقوبة . . . .

والثانى : أن يكون استعظاماً للكلمة ، وتهويلاً من فظاعتها وتصويراً لأثرها فى الدين ، وهدمها لأركانه وقواعده ، وأن مثال ذلك الأثر فى المحسوسات : أن يصيب هذه الأجرام العظيمة التى هى قوام العالم : ما تنفطر منه وتنشق وتخر . . . " .

وقال الإمام القرطبى : " نفى عن نفسه - سبحانه وتعالى - الولد ، لأن الولد يقتضى الجنسية والحدوث . . . ولا يليق به ذلك ، ولا يوصف به ، ولا يجوز فى حقه . . .

وروى البخارى عن أبى هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يقول الله - تبارك وتعالى - كذبنى ابن آدم ولم يكن له ذلك ، وشتمنى ولم يكن له ذلك ، فأما تكذيبه إياى فقوله : لن يعيدنى كما بدأنى . وليس أول الخلق بأهون على من إعادته .

وأما شتمه إياى قوله : اتخذ الله ولداً وأنا الأحد الصمد ، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد " .