إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَمَا يَنۢبَغِي لِلرَّحۡمَٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا} (92)

وقوله تعالى : { وَمَا ينبغي للرحمن أَن يَتَّخِذَ وَلَداً } حالٌ من فاعل قالوا أو دعَوا ، مقرّرةٌ لبطلان مقالتهم واستحالةِ تحقق مضمونها ، أي قالوا : اتخذ الرحمن ولداً أو أنْ دَعوا للرحمن ولداً ، والحال أنه ما يليق به تعالى اتخاذُ الولد ولا يُتطلب له لو طُلب مثلاً لاستحالته في نفسه ، ووضعُ الرحمن موضع الضمير للإشعار بعلة الحُكم بالتنبيه على أن كل ما سواه تعالى إما نعمةٌ أو مُنعَمٌ عليه ، فكيف يتسنى أن يجانس من هو مبدأُ النعمِ ومولى أصولِها وفروعِها حتى يتوهَّم أن يتخذه ولداً ؟ وقد صرح له قومٌ به عز قائلاً : { إِن كُلُّ مَن في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا } .