فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} (49)

{ ولمن خاف مقام ربه جنتان( 46 )فبأي ءالاء ربكما تكذبان( 47 )ذواتا أفنان( 48 )فبأي ءالاء ربكما تكذبان( 49 )فيهما عينان تجريان( 50 )فبأي ءالاء ربكما تكذبان( 51 )فيهما من كل فاكهة زوجان( 52 )فبأي ءالاء ربكما تكذبان( 53 ) } .

وبعد الوعيد لمن طغى وآثر الحياة الدنيا ، بينت الآيات وعد ربنا وبشراه لمن خافه واتقاه ونهى النفس عن الهوى ؛ لكل من يرجو لقاء ربه ويستقيم على أمره جنتان- قيل إحداهما منزله ومحل زيارة أحبابه له ، والأخرى منزل أزواجه وخدمه- صفة كل منهما أنها ذات أنواع من الأشجار والثمار وذات أغصان لينة قطوفها مزهرة مثمرة ، فما أعظم المنعم وما أبرك النعم ! وللجنتين صفة أخرى أن في كل منهما عين تجري بما لذ وطاب من الماء والعسل والشراب ؛ فبأي حديث بعد حديث الله يؤمنون ؟ والله أصدق القائلين ؛ وفيهما من كل ثمرة رطب ويابس لا يقصر عن رطبه في الفضل ؛ أو صنفان : معروف ، وغريب لم نكن نعرفه في الدنيا ، فبأي إنعام وبرهان من ربكما تتماريان وتجحدان ؟ ! .

[ ف{ مقام }مصدر بمعنى القيام ؛ وقيل خاف قيام ربه عليه أي إشرافه واطلاعه عليه ، بيانه قوله تعالى : { أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت . . }{[6102]} . . . وقال محمد بن علي الترمذي : جنة لخوفه من ربه وجنة لتركه شهوته ]{[6103]} .


[6102]:سورة الرعد من الآية 33.
[6103]:مما نقل القرطبي.