فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} (42)

{ ج

يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام( 41 )فبأي ءالاء ربكما تكذبان( 42 )هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون( 43 )يطوفون بينها وبين حميم آن( 44 )فبأي ءالاء ربكما تكذبان( 45 ) } .

وربنا يعلم البَرَّ من الفاجر ، والمؤمن من الكافر ، والمسلم من المجرم ، وهو سبحانه يُعلم الملائكة بما شاء من علمه ، فيعرفون الأشقياء دون حاجة إلى سؤالهم عما كان من أعمالهم ، وقد غشيت وجوه الخاسرين ذلة وغبرة وقترة ، فلهم سماتهم وعلاماتهم التي بها يمتازون ويفترقون عن غيرهم ، فتسارع الزبانية الملائكة خزنة النار بالقبض على مقدم رؤوسهم وعلى أقدامهم ليلقوا بهم في مستقر عذابهم ومقامهم ؛ فحمدا للبر الرحيم الذي ينجينا إن شاء الله بفضله مع المتقين ، الذين لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون ، ويحلنا بكرمه دار المقامة لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب ؛ ويقال تحسيرا للكافرين والخاسرين : هذه دار الجحيم التي كنتم توعدون ، والعذاب فيها بين ألسنة اللهب وأشربة بالغة الحرارة تقطع أمعاء شاربيها ؛ فاللهم امنن علينا بالوقاية من سخطك ونارك .

[ وفي قوله تعالى : { آن } ثلاثة أوجه ، أحدها أنه الذي انتهى حره وحميمه . . . وعن كعب . . أنه الحاضر وقال مجاهد : إنه الذي قد آن شربه وبلغ غايته . . . وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتى على شاب في الليل يقرأ : { فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان } فوقف الشاب وخنقته العبرة وجعل يقول ويحي من يوم تشقق فيه السماء ويحي ؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ويحك يا فتى مثلها فو الذي نفسي بيده لقد بكت ملائكة السماء لبكائك ){[6100]} ]{[6101]} .


[6100]:في بعض النسخ من بكائك.
[6101]:مما نقل القرطبي جـ17ص175، ص176.