الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{حَتَّىٰٓ إِذَا فَتَحۡنَا عَلَيۡهِم بَابٗا ذَا عَذَابٖ شَدِيدٍ إِذَا هُمۡ فِيهِ مُبۡلِسُونَ} (77)

حتى فتحنا عليهم باب الجوع الذي هو أشدّ من الأسر والقتل وهو أطمّ العذاب ، فأبسلوا الساعة وخضعت رقابهم ، وجاء أعتاهم وأشدّهم شكيمة في العناد يستعطفك . أو محناهم بكل محنة من القتل والجوع فما رؤي فيهم لين مقادة وهم كذلك ، حتى إذا عذبوا بنار جهنم فحينئذ يبلسون ، كقوله : { وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة يُبْلِسُ المجرمون } [ الروم : 12 ] ، { لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ } [ الزخرف : 75 ] . والإبلاس : اليأس من كل خير . وقيل : السكوت مع التحير .

فإن قلت : ما وزن استكان ؟ قلت : استفعل من الكون ، أي : انتقل من كون إلى كون ، كما قيل : استحال ، إذا انتقل من حال إلى حال . ويجوز أن يكون افتعل من السكون أشبعت فتحة عينه ، كما جاء : بمنتزاح .

فإن قلت : هلا قيل : وما تضرّعوا . أو : فما يستكينون ؟ قلت : لأنّ المعنى : محناهم فما وجدت منهم عقيب المحنة استكانة . وما من عادة هؤلاء أن يستكينوا ويتضرّعوا حتى يفتح عليهم باب العذاب الشديد . وقرىء : «فتحنا » .