مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{لَا جَرَمَ أَنَّهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (109)

ثم قال : { لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون } واعلم أن الموجب لهذا الخسران هو أن الله تعالى وصفهم في الآيات المتقدمة بصفات ستة .

الصفة الأولى : أنهم استوجبوا غضب الله .

والصفة الثانية : أنهم استحقوا العذاب الأليم .

والصفة الثالثة : أنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة .

والصفة الرابعة : أنه تعالى حرمهم من الهداية .

والصفة الخامسة : أنه تعالى طبع على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم .

والصفة السادسة : أنه جعلهم من الغافلين عما يراد بهم من العذاب الشديد يوم القيامة فلا جرم لا يسعون في دفعها ، فثبت أنه حصل في حقهم هذه الصفات الستة التي كل واحد منها من أعظم الأحوال المانعة عن الفوز بالخيرات والسعادات ، ومعلوم أنه تعالى إنما أدخل الإنسان الدنيا ليكون كالتاجر الذي يشتري بطاعاته سعادات الآخرة ، فإذا حصلت هذه الموانع العظيمة عظم خسرانه ، فلهذا السبب قال : { لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون } أي هم الخاسرون لا غيرهم ، والمقصود التنبيه على عظم خسرانهم ، والله أعلم .