مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{كَذَٰلِكَ نَقُصُّ عَلَيۡكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ مَا قَدۡ سَبَقَۚ وَقَدۡ ءَاتَيۡنَٰكَ مِن لَّدُنَّا ذِكۡرٗا} (99)

قوله تعالى :{ كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكر ، من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزرا ، خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا ، يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقا ، يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشرا ، نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما }

اعلم أنه سبحانه وتعالى لما شرح قصة موسى عليه السلام مع فرعون أولا ثم مع السامري ثانيا أتبعه بقوله : { كذلك نقص عليك } من سائر أخبار الأمم وأحوالهم تكثيرا لشأنك وزيادة في معجزاتك وليكثر الاعتبار والاستبصار للمكلفين بها في الدين : { وقد آتيناك من لدنا ذكرا } يعني القرآن كما قال تعالى : { وهذا ذكر مبارك أنزلناه } { وإنه لذكر لك } { والقرآن ذي الذكر } { ما يأتيهم من ذكر } { يا أيها الذي نزل عليه الذكر } ثم في تسمية القرآن بالذكر وجوه : أحدها : أنه كتاب فيه ذكر ما يحتاج إليه الناس من أمر دينهم ودنياهم . وثانيها : أنه يذكر أنواع آلاء الله تعالى ونعمائه ففيه التذكير والمواعظ . وثالثها : فيه الذكر والشرف لك ولقومك على ما قال : { وإنه لذكر لك ولقومك } ، واعلم أن الله تعالى سمى كل كتبه ذكرا فقال : { فاسألوا أهل الذكر } .