مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَأُزۡلِفَتِ ٱلۡجَنَّةُ لِلۡمُتَّقِينَ} (90)

قوله تعالى : { وأزلفت الجنة للمتقين وبرزت الجحيم للغاوين وقيل لهم أين ما كنتم تعبدون من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون فكبكبوا فيها هم والغاوون وجنود إبليس أجمعون قالوا وهم فيها يختصمون تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين وما أضلنا إلا المجرمون فما لنا من شافعين ولا صديق حميم فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم } .

اعلم أن إبراهيم عليه السلام ذكر في وصف هذا اليوم أمورا . أحدها : قوله : { وأزلفت الجنة للمتقين وبرزت الجحيم للغاوين } والمعنى أن الجنة قد تكون قريبة من موقف السعداء ينظرون إليها ويفرحون بأنهم المحشورون إليها والنار تكون بارزة مكشوفة للأشقياء بمرأى منهم يتحسرون على أنهم المسوقون إليها قال الله تعالى في صفة أهل الثواب { وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد } وقال في صفة أهل العقاب : { فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا } . وإنما يفعل الله تعالى ذلك ليكون سرورا معجلا للمؤمنين وغما عظيما للكافرين .