مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{كَذَّبَتۡ قَوۡمُ نُوحٍ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (105)

قوله تعالى : { كذبت قوم نوح المرسلين إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقون الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين فاتقوا الله وأطيعون قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون قال وما علمي بما كانوا يعملون إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون وما أنا بطارد المؤمنين إن أنا إلا نذير مبين قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين قال رب إن قومي كذبون فافتح بيني وبينهم فتحا ونجني ومن معي من المؤمنين فأنجيناه ومن معه في الفلم المشحون ثم أغرقنا بعد الباقين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم } .

القصة الثالثة : قصة نوح عليه السلام

اعلم أنه تعالى لما قص على محمد صلى الله عليه وسلم خبر موسى وإبراهيم تسلية له فيما يلقاه من قومه قص عليه أيضا نبأ نوح عليه السلام ، فقد كان نبؤه أعظم من نبأ غيره ، لأنه كان يدعوهم ألف سنة إلا خمسين عاما ، ومع ذلك كذبه قومه فقال : { كذبت قوم نوح } وإنما قال ( كذبت ) لأن القوم مؤنث وتصغيرها قويمة ، وإنما حكى عنهم أنهم كذبوا المرسلين لوجهين : أحدهما : أنهم وإن كذبوا نوحا لكن تكذيبه في المعنى يتضمن تكذيب غيره ، لأن طريقة معرفة الرسل لا تختلف فمن حيث المعنى حكى عنهم أنهم كذبوا المرسلين . وثانيهما : أن قوم نوح كذبوا بجميع رسل الله تعالى ، إما لأنهم كانوا من الزنادقة أو من البراهمة .