مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٖ} (101)

{ ولا صديق } كما نرى لهم أصدقاء لأنه لا يتصادق في الآخرة إلا المؤمنون ، وأما أهل النار فبينهم التعادي والتباغض قال تعالى : { الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين } أو{ فما لنا من شافعين ولا صديق حميم } من الذين كنا نعدهم شفعاء وأصدقاء لأنهم كانوا يعتقدون في أصنامهم أنهم شفعاؤهم عند الله تعالى ، وكان لهم أصدقاء من شياطين الإنس ، أو أرادوا أنهم إن وقعوا في مهلكة علموا أن الشفعاء والأصدقاء لا ينفعونهم ولا يدفعون عنهم ، فقصدوا بنفيهم نفي ما تعلق بهم من النفع ، لأن ما لا ينفع فحكمه حكم المعدوم ، والحميم من الاحتمام وهو الاهتمام وهو الذي يهمه ما يهمك ، أو من الحامة بمعنى الخاصة وهو الصديق الخالص ، وإنما جمع الشفعاء ووحد الصديق لكثرة الشفعاء في العادة وقلة الصديق ، فإن الرجل الممتحن بإرهاق الظالم قد ينهض جماعة وافرة من أهل بلده لشفاعته رحمة له ، وأما الصديق وهو الصادق في ودادك ، فأعز من بيض الأنوق ، ويجوز أن يريد بالصديق الجمع .