روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ رِزۡقٞ مَّعۡلُومٞ} (41)

{ أولئك } أي العباد المذكورون ، وفيه إشارة إلى أنهم ممتازون بما اتصفوا به من الإخلاص في عبادته تعالى عمن عداهم امتيازاً بالغاً ، وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار إليه للإشعار بعلو طبقتهم وبعد منزلتهم في الفضل .

وهو مبتدأ وقوله تعالى : { لَهُمْ } أما خبر له وقوله سبحانه : { رّزْقِ } مرتفع على الفاعلية للظرف وإما خبر مقدم و { رّزْقِ } مبتدأ مؤخر والجملة خبر المبتدأ والمجموع كالخبر للمستثنى المنقطع على ما أشرنا إليه أو استئناف لما أفاده الاستثناء إجمالاً بياناً تفصيلياً وقوله تعالى : { مَّعْلُومٌ } أي معلوم الخصائص ككونه غير مقطوع ولا ممنوع حسن المنظر لذيذ الطعم طيب الرائحة إلى غير ذلك من الصفات المرغوبة ، فلا يقال إن الرزق لا يكون معلوماً إلا إذا كان مقدراً بمقدار وقد جاء في آية أخرى { يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ } [ غافر : 40 ] وما لا يدخل تحت الحساب لا يحد ولا يقدر فلا يكون معلوماً ، وقيل المراد معلوم الوقت لقوله تعالى : { وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً } [ مريم : 62 ] وعن قتادة الرزق المعلوم الجنة ، وتعقب بأن { فِي جنات } [ الصافات : 43 ] بعد يأباه . واعترض بأنه إذا كان المعنى وهم مكرمون فيها لم يكن به بأس . وأجيب بأن جعلها مقر المرزوقين لا يلائم جعلها رزقاً وأما إذا كان قيداً للرزق فهو ظاهر الإباء ، وكون المساكن رزقاً للساكن فإذا اختلف العنوان لم يكن به بأس لا يدفع ما قرر كما لا يخفى على المنصف .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ رِزۡقٞ مَّعۡلُومٞ} (41)

قوله : { أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ } لقد منّ الله عليهم بالجنة وفيها من ألوان النعيم ما تقرُّ به عيونهم ، وتبتهج به نفوسهم ، ويجدون فيه الرخاء والسعادة وطِيب المقام . وقد فسَّر الرزق بقوله : { فواكه } وهي بدل من رزق ، أو خبر لمبتدأ مضمر ؛ أي : ذلك الرزقُ فواكهُ{[3949]} وهي كل ما يُتلذذ به وليس قوتا لحفظ الصحة . وذلك يعني أن رزقهم كله فواكه ؛ فهم بذلك مستغنون عن حفظ الصحة بالأقوات ؛ لأن أجسامهم قوية ومحكمة ومخلوقة للأبد ، فما يأكلونه إنما هو على سبيل التلذذ .


[3949]:نفس المصدر السابق.